قوله عزوجل : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) (٢٤) : أي كفر (١). (قالَ) موسى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) (٢٥) : أي وسّع لي صدري ، دعا أن يشرح له صدره بالإيمان. (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي) (٢٨) : ففعل الله ذلك به.
وكانت العقدة التي في لسانه أنّه تناول لحية فرعون ، وهو صغير ، فهمّ بقتله ، وقال : هذا عدوّ لي. فقالت له امرأته : إنّ هذا صغير لا يعقل ، فإن أردت أن تعلم ذلك فادع بتمرة وجمرة فاعرضهما عليه. فأتي بتمرة وجمرة فعرضهما عليه ؛ فتناول الجمرة فألقاها في فيه ، فمنها كانت العقدة التي في لسانه. قال الحسن : إنّما قالت ذلك ترد على موسى عقوبته (٢).
قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً) : أي عوينا (مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) : (٣١) قال الحسن : قوّتي ، وقال بعضهم : ظهري.
(وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي). (٣٢) وكان الحسن يقرأها بالرفع : (وأشركه). وهي تقرأ أيضا بالنصب : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي). دعا موسى ربّه أن يشركه في أمره. قوله : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً) (٣٣) : أي نصلّي لك كثيرا (وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) (٣٥) : في سابق علمك (٣).
(قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (٣٦) : فاستجاب الله له.
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) (٣٧) : فذكّره النعمة الأولى ، يعني قوله :
__________________
(١) كذا في ب وع. وفي سع «(طغى ا) أي : كفر». والصواب أنّ الطغيان هو مجاوزة الحدّ في العلوّ والعتوّ والاستكبار.
(٢) أورد بعض المفسّرين القدامى ، ومنهم ابن جرير الطبريّ هذا التفسير للعقدة التي كانت في لسان موسى عليهالسلام. ولم يثبت في الموضوع خبر صحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقد نسب هذا التفسير إلى بعض التابعين. ويبدو لي ـ والله أعلم ـ أنّه من قبيل الإسرائيليّات ، وأولى ما فسّرت به العقدة ما ذكره أبو عبيدة في المجاز ، ج ١٢ ص ١٨ حيث قال : «مجاز العقدة في اللسان كلّ ما لم ينطلق بحرف أو كانت منه مسكة من تمتمة أو فأقأة». وقال الفرّاء : «كانت في لسانه رتّة». وانظر عيوب اللسان وما جاء فيها في الصفحات الأولى من كتاب الجاحظ : (البيان والتبيين).
(٣) كذا في ب ، وفي ع : «في سائر عملنا». ويبدو أنّ صوابه هكذا : (وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) في سائر عملنا ، (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) في سابق علمك». والعبارة غير واردة في سع.