قال : (ذلِكَ أَدْنى) : أي أجدر (أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) : أي إذا علمن أنّه من قبل الله (وَلا يَحْزَنَ) على أن تخصّ واحدة منهنّ دون الأخرى (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) : أي من الخاصّة التي تخصّ منهن لحاجتك. وهذا تفسير الحسن. وتفسير الكلبيّ : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ) يعني من اللائي أحلّ له ، إن شاء لم يتزوّج منهنّ (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) أي : تتزوّج منهنّ من تشاء ، (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) يعني نساءه اللائي عنده يومئذ ، يعني التسع ، (وَلا يَحْزَنَّ) أي : إذا عرفن أنّه لا ينكح عليهنّ (١).
قال : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) (٥١). (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) : وقد فسّرناه قبل هذا. (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) : أي حسن النساء غير أزواجه وما أحلّ الله له ممّا سمّي في قول أبيّ بن كعب ومجاهد والكلبيّ على وجه ما قالوا ، وفي قول الحسن : غير نسائه خاصّة ؛ هذا في أزواجه اللائي عنده خاصّة ، لا يتزوّج مكانهنّ ولا يطلقهنّ. قال : (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) : أي يطأ بملك يمينه ما شاء. (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (٥٢) : أي حفيظا.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) : أي فتفرّقوا. (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) بعد أن تأكلوا (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ). ذكروا عن أنس بن مالك قال : لّما تزوّج رسول الله لم يولم على أحد من نسائه ما أولم على زينب بنت جحش. قال أنس : كنت أدعو الناس على الخبز واللحم ، فيأكلون حتّى يشبعوا. فجاء رجلان فقعدا مع زينب في جوف البيت ينتظران ، أظنّه يعني الطعام. فخرج النبيّ إلى حجرة عائشة فقال : السّلام عليكم يا أهل البيت (٢). فقالت عائشة : السّلام عليك ورحمة
__________________
(١) وقد لخّص الفرّاء وجوه التأويل الثلاثة بعبارة وجيزة فقال : «وقوله : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) يقول : إذا لم تجعل لواحدة منهنّ يوما وكنّ في ذلك سواء ، كان أحرى أن تطيب أنفسهنّ ولا يحزنّ. ويقال : إذا علمن أنّ الله قد أباح لك ذلك رضين ، إذ كان من عند الله. ويقال : إنّه أدنى أن تقرّ أعينهنّ إذا لم يحلّ لك غيرهنّ من النساء. وكلّ حسن».
(٢) أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير من سورة الأحزاب عن أنس بن مالك. وفيه : «وبقي ثلاثة رهط ـ