الله وبركاته ، كيف وجدت أهلك؟ بارك الله لك فيهم. قال : فاستقرى نساءه كلّهنّ فقلن بمقالتها. ثمّ جاء فوجد الرجلين في البيت ، فاستحيى فرجع ، فأنزل الله آية الحجاب ، فقرأها عليهم فخرجا. ودخل النبيّ وأرخى الستر.
ذكروا عن أنس بن مالك أنّ عمر بن الخطّاب قال : قلت : يا رسول الله ، إنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت نساءك يحتجبن. فأنزل الله آية الحجاب (١). قوله : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) أي : صنعته (٢). وقال مجاهد : متحيّنين حينه (٣). قوله : (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) أي : أن يخبركم أن هذا يؤذي النبيّ. قوله : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) أي : من الريبة والدنس ، أن يكون ذلك من وراء حجاب.
قال : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (٥٣).
قال ناس من المنافقين : لو قد مات محمّد تزوّجنا نساءه ، فأنزل الله هذه الآية.
وقال : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) : يعني ما قالوا : لو قد مات محمّد تزوّجنا نساءه. (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٥٤) (٤).
ثمّ استثنى من يدخل على أزواج النبيّ في الحجاب فقال : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ) : المسلمات (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) وكذلك الرضاع بمنزلة الذي ذكر ممّن يدخل علي أزواج النبيّ عليهالسلام في الحجاب. قال : (وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً
__________________
ـ يتحدثون في البيت ...».
(١) أخرجه كذلك البخاريّ في تفسير سورة الأحزاب بلفظ : «فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب ...».
(٢) كذا في ب وع وفي سح أيضا : «صنعته». ولم أجد هذا اللفظ فيما بين يديّ من كتب اللغة والتفسير ، وإن كان معناه ليس بعيدا عن المراد.
(٣) في تفسير مجاهد ، ص ٥٢٠ : «غير متحيّنين نضجه». وفي اللسان : «(إناه) أي : نضجه وإدراكه وغايته». والإنى بكسر الهمزة والقصر : النضج. وأصله : أني الشيء يأني أنيا وإنى : حان وأدرك».
(٤) انظر تلخيصا موجزا وافيا بالمقصود لمعنى الآية وسبب نزولها في معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٣٤٨ ـ ٣٤٩.