نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) (٥٥).
ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ خلق أحدكم ليجمع في بطن أمّه أربعين يوما نطفة ، ثمّ يكون علقة أربعين يوما ، ثمّ يكون مضغة أربعين يوما ، ثمّ يؤمر الملك أن يكتب أربعا : رزقه وعمله وأثره وشقيّا أو سعيدا. والذي لا إله إلّا هو إنّ العبد ليعمل بعمل أهل الجنّة حتّى ما يكون بينه وبين الجنّة إلّا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.
وقال بعضهم : إنّه يؤخذ من تربة الأرض التي يموت فيها فيخلط بخلقه ، أو فتذرى على خلقه ؛ وهو قوله تعالى : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى).
قوله : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها) : أي التسع الآيات التي قال عنها في سورة بني إسرائيل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) [الإسراء : ١٠١] وهي يده وعصاه والطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) [الأعراف : ١٣٠]. وبعضهم يحقّق أنّ السنين ونقصا من الثمرات آية واحدة ، وطريقا في البحر يبسا تمام التسع الآيات. قوله عزوجل : (فَكَذَّبَ وَأَبى) (٥٦) أي فكذّب بها كلّها وأبى أن يؤمن.
(قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) (٥٨) : قال مجاهد : مكانا منصفا بينهم. وقال بعضهم : مكانا عدلا (٢).
(قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) : أي يوم واعدوه فيه. وقال الحسن : يوم عيد كان لهم ، يجتمعون فيه ضحى. قال : (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) (٥٩) : قال بعضهم : أي نهارا.
قوله تعالى : (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ) : يعني ما جمع من سحرة. (ثُمَّ أَتى) (٦٠) :
__________________
(١) حديث متّفق عليه مضى تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ١٠٥ من سورة هود.
(٢) وقال أبو عبيدة في المجاز : (مَكاناً سُوىً) يضمّ أوّله ويكسر ، وهو منقوص يجري مجرى عدى وعدى والمعنى النصف ، والوسط فيما بين القريتين.