يبعثكم يوم القيامة.
قوله : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) : يعني النبيّ عليهالسلام (وَما يَنْبَغِي لَهُ) : أي أن يكون شاعرا ولا يروي الشعر.
ذكروا عن عائشة أنّها قالت : لم يتكلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببيت شعر قطّ ؛ غير أنّه أراد أن يتمثّل ببيت شاعر بني فلان فلم يقمه. قال بعضهم : أظنّه الأعشى ، وبعضهم يقول : طرفة بن العبد. ذكروا عن أبان العطّار أو غيره أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : قاتل الله طرفة حيث يقول :
ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار |
فقيل له : إنّه قال : ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد فقال : هذا وذاك سواء (١).
وقال بعضهم : هو شعر لعبّاس بن مرداس (٢) تمثّل ببيت منه فلم يقمه. وهو قوله :
أتجعل نهبي ونهب العبي |
|
د بين عيينة والأقرع |
فقال النبيّ عليهالسلام : أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة. فقال له أبو بكر : بين عيينة والأقرع. فقال النبيّ عليهالسلام : هذا وذاك سواء. فلم ينطق لسانه بالشعر. وأداره مرارا فلم ينطق به. فأنزل الله : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي : أن يكون شاعرا. قال : (إِنْ هُوَ) : يعني ما هو (إِلَّا ذِكْرٌ) : يذكرون به الجنّة (٣).
__________________
(١) روى أحمد في مسنده هذا الخبر عن عائشة رضي الله عنها ، وزاد السيوطيّ في الدرّ المنثور ، ج ٢ ص ٢٦٨ روايته من طريق ابن أبي شيبة عن عائشة أيضا «قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا استراب الخبر تمثّل ببيت طرفة». ولم أجد في هذا الخبر عبارة : «قاتل الله طرفة» إلّا عند ابن سلّام في سح ورقة ١٨٥. وجاء في بعض كتب التفسير والحديث أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّي والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي. أمّا بيت طرفة فهو من معلّقته الشهيرة ، البيت ١١٨ من رواية أبي زبد القرشيّ في جمهرة أشعار العرب ، ج ١ ص ٤٢٣.
(٢) هو أبو الفضل عبّاس بن مرداس السلميّ ، من المؤلّفة قلوبهم ، وقد مدح الرسول صلىاللهعليهوسلم بقصائد جياد بعد ما أسلم وحسن إسلامه. انظر قصّة عطاء الرسول صلىاللهعليهوسلم إيّاه من غنائم حنين ، ولّما استقلّه عبّاس أنشد أبياتا أرضاه الرسول صلىاللهعليهوسلم بعدها ، انظر تفصيل ذلك في سيرة ابن هشام ، ج ٤ ص ٤٩٤.
(٣) قال الطبريّ في تفسيره ، ج ٢٣ ص ٢٧ : «ما هو إلّا ذكر ، يعني بقوله : (إِنْ هُوَ) أي : إن محمّد إلّا ذكر لكم أيّها الناس ، ذكّركم الله بإرساله إيّاه إليكم ونبّهكم به على حظّكم. (وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) يقول : وهذا الذي ـ