قوله : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٦٣) : أي في الدنيا إذا لم تؤمنوا (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٦٤) : أي في الدنيا.
(الْيَوْمَ) : يعني في الآخرة (نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦٥) : أي يعملون.
ذكروا عن أبي موسى الأشعريّ قال : قالوا والله ما كنّا مشركين ، فختم الله على أفواههم ، ثمّ قال للجوارح : انطقي ، قال : إنّ أوّل ما يتكلّم من أحدهم فخذه. قال الحسن [بن دينار : نسيت] (١) اليسرى قال أم اليمنى. وتفسير الحسن : إنّ هذا آخر مواطن يوم القيامة ، فإذا ختمت أفواههم لم يكن بعد ذلك إلّا دخول النار.
قوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) (٢) : يعني المشركين (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) (٦٦) : أي لو نشاء لأعميناهم فاستبقوا الصراط ، أي : الطريق ، (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) أي : فكيف يبصرون إذا أعميناهم.
قال : (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ) : أي لو نشاء لأقعدناهم على أرجلهم (٣). (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) (٦٧) : أي إذا فعلنا ذلك بهم لم يستطيعوا أن يتقدّموا ولا يتأخّروا.
قال : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ) : أي إلى أرذل العمر. (نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) : فيكون بمنزلة الصبيّ الذي لا يعقل. وهو كقوله : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) [الحجّ : ٥]. قال : (أَفَلا يَعْقِلُونَ) (٦٨) : يقوله للمشركين. أي : فالذي خلقكم ، ثمّ جعلكم شبّانا ، ثمّ جعلكم شيوخا ، ثمّ نكسكم في الخلق فردّكم بمنزلة الطفل الذي لا يعقل قادر على أن
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ١٨٤ لتستقيم العبارة. وقد ورد الخبر بهذا السند : «حدّثنا الحسن بن دينار عن حميد بن هلال عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريّ قال ...».
(٢) قال أبو عبيدة في تفسير الآية : «يقال أعمى طمس ومطموس ، وهو أن لا يكون بين جفني العين غرّ ، وهو الشقّ بين الجفنين ، والريح تطمس الأثر فلا يرى ، والرجل يطمس الكتاب».
(٣) كذا ورد في المخطوطات ب وع وز وسح ، وهو قول للحسن وقتادة ، وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٦٥ : (عَلى مَكانَتِهِمْ) : المكان والمكانة واحد».