قوله : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (٦٥) : أي ثمرتها كأنّها رؤوس الشياطين ؛ يقبّحها بذلك. وقال بعضهم : رءوس الثعابين ، يعني الحيّات (١).
قال : (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) (٦٦) قال : (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) (٦٧) : أي : لمزاجا من حميم (٢) ، وهو الماء الحارّ ، فيقطّع أمعاءهم. كقوله : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (١٥) [محمّد عليهالسلام : ١٥]. والحميم الحارّ الذي لا يستطاع من حرّه. قال : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) (٦٨) : كقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٢) [الرحمن : ٤٢] أي : قد انتهى حرّه.
قال : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) (٦٩) : أي وجدوا ، أدركوا آباءهم ضالّين (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) (٧٠) : أي يسعون ، والإهراع الإسراع. قال مجاهد : كهيئة الهرولة.
قوله : (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ) : أي قبل مشركي العرب (أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) (٧١) : كقوله : (كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) (٤٢) [الروم : ٤٢]. قال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) (٧٢) : أي في الذين مضوا قبلهم ، (مُنْذِرِينَ) يعني الرسل ، أي : فكذّبوهم. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣) : أي الذين أنذرتهم الرسل فكذّبوهم ، أي : كانت عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ثمّ صيّرهم إلى النار. قوله : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٧٤) : استثنى من آمن وصدّق الرسل (٣).
قوله : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) : يعني حيث دعا على قومه (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥) : أي فلنعم المجيبون نحن له ، أي : أنجيناه وأهلكناهم. (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦) : أي من الغرق. (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) (٧٧) : فالناس كلّهم ولد سام وحام
__________________
(١) وقيل : أريد برؤوس الشياطين ثمر الأستن. والأستن (بفتح الهمزة وسكون السين وفتح التاء) شجرة في بادية اليمن يشبه شخوص الناس ويسمّى ثمره رؤوس الشياطين ، وإنّما سمّوه كذلك لبشاعة مرآه ، ثمّ صار معروفا ، فشبّه به في الآية ... انظر ابن عاشور ، التحرير والتنوير ، ج ٢٣ ص ١٢٤.
(٢) قال ابن أبي زمنين : «الشوب : المصدر ، والشوب : الاسم ، المعنى أنّ لهم على أكلها لخلطا ومزاجا من حميم».
(٣) كأنّ المؤلّف أوّل الآية هنا على قراءة من قرأ بكسر اللام من (المخلصين) وقراءة نافع وعاصم وحمزة والكسائيّ وغيرهم بفتح اللام ، وهي قراءتنا ، أي : الذين أخلصهم الله لعبادته ولولايته.