قوله عزوجل : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (١٠٩) : أي التوحيد والعمل بالفرائض. وهو كقوله عزوجل : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٣٨) [سورة النبأ : ٣٨] أي التوحيد. والكفّار ليست لهم شفاعة ، لا يشفع لهم ، كقوله عزوجل : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨].
قوله عزوجل : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) : أي من أمر الآخرة (وَما خَلْفَهُمْ) : أي من أمر الدنيا إذا صاروا في الآخرة. (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (١١٠) : أي ويعلم ما لا يحيطون به علما. وهو تبع للكلام الأوّل ، أي : ويعلم ما لا يحيطون به علما ، أي : ما لا يعلمون (١).
قوله عزوجل : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) : أي وذلّت الوجوه للحيّ القيّوم. وتفسير القيّوم : القائم على كلّ نفس بما كسبت حتّى يجزيها بعملها.
قوله عزوجل : (وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) (١١١) : أي من مشرك ومن منافق ، أي : خاب من حمل شركا ، وخاب من حمل نفاقا. وهو ظلم دون ظلم وظلم فوق ظلم.
قوله عزوجل : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) (١١٢) : أي لا يجزى بالعمل الصالح في الآخرة إلّا المؤمن ، ويجزى به الكافر في الدنيا. (فَلا يَخافُ ظُلْماً) أي يزاد عليه في سيّئاته في تفسير الحسن. وقال بعضهم : (فَلا يَخافُ ظُلْماً) أي أن يحمل عليه من ذنب غيره. (وَلا هَضْماً) أي ولا ينقص من حسناته.
قوله عزوجل : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) : أي من يعمل كذا فله كذا ، فذكره في هذه السورة ، ثمّ في سورة أخرى. (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) (١١٣) : أي القرآن. وهي تقرأ بالياء والتاء. فمن قرأها بالياء فهو يقول : أو يحدث لهم القرآن ذكرا ، أي : جدّا وورعا. ومن قرأها بالتاء فهو يقول : أو تحدث لهم يا محمّد ذكرا (٢).
__________________
(١) كذا في المخطوطتين ب وع وفي سع ٢٩ و. وهو تكرار لا فائدة منه تذكر.
(٢) وقد أورد بعض المفسّرين وجها آخر للذكر. قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٩٣ : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) : شرفا. وهو مثل قول الله : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف : ٤٤] أي شرف ، ويقال : عذابا ، أي يتذكّرون حلول العذاب الذي وعدوه.