قوله عزوجل : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) : قال بعضهم : قالت اليهود : إنّ الله تبارك وتعالى صاهر الجنّ فكانت من بينهم الملائكة.
قال الله عزوجل : (سُبْحانَهُ) ينزّه نفسه عمّا يقولون (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢٦) يعني الملائكة ، هم كرام على الله (١). (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) فيقولون شيئا لم يقبلوه عن الله (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الآخرة (وَما خَلْفَهُمْ) : أي من أمر الدنيا إذا كانت الآخرة. [وقال بعضهم : يعني يعلم ما كان قبل خلق الملائكة وما كان بعد خلقهم] (٢). (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) : أي لمن رضي عنه (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢٨) : أي خائفون.
قوله : عزوجل : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢٩) : نزلت هذه الآية في إبليس خاصّة ، دعا إلى عبادة نفسه.
وقال الحسن : ومن يقل ذلك منهم ، إن قالوه ، ولا يقوله أحد منهم. وكان يقول : إنّ إبليس لم يكن منهم.
قوله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : هذا على الخبر في تفسير الحسن (أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) : أي كانتا ملتزقتين إحداهما على الأخرى في قول الحسن ، فوضع الأرض ورفع السماء.
وقال الكلبيّ : إنّ السماء كانت رتقا لا ينزل منها ماء ففتقها الله بالماء وفتق الأرض بالنبات (٣). وقال بعضهم : كانتا جميعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء فجعله بينهنّ.
وقال مجاهد : كنّ مطبقات ففتقهنّ ، أحسبه قال : بالمطر. وقال مجاهد : ولم تكن السماء والأرض متماسّتين.
__________________
(١) وقيل المعنى : أكرمهم الله بعبادته ، كما رواه الطبريّ في تفسيره ، ج ١٧ ص ١٦ عن قتادة.
(٢) زيادة من ز ورقة ٢١٤ ، والقول للسّدّيّ.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٣٧ : (كانَتا رَتْقاً) مجازه مجاز المصدر الذي يوصف بلفظه الواحد والاثنان والجميع من المذكّر والمؤنّث سواء. ومعنى الرتق الذي ليس فيه ثقب ، ثمّ فتق الله السماء بالمطر ، وفتق الأرض بالشجر».