ذكروا أنّ السماء خلقت مثل القبّة ، وأنّ الشمس والقمر والنجوم ليس منها شيء لازق بالسماء ، وأنّها تجري في فلك دون السماء ، وأنّ أقرب الأرض إلى السماء بيت المقدس باثني عشر ميلا ، وأنّ أبعد الأرض من السماء الأبلّة (١).
ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال : الشمس والقمر وجوههما إلى السماء وأقفاؤهما إلى الأرض يضيئان في السماء كما يضيئان في الأرض. ثمّ تلا هذه الآية : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) (١٦) [نوح : ١٥ ـ ١٦].
ذكروا أنّه قيل لعبد الله بن عمرو : ما بال الشمس تصلانا أحيانا وتبرد أحيانا؟ قال : أمّا في الشتاء فهي في السماء الخامسة ، وأمّا في الصيف فهي في السماء السابعة ، قيل له : فما كنّا نراها إلّا في هذه السماء الدنيا ، قال : لو كانت في هذه السماء الدنيا لم يقم لها شيء.
ذكر بعضهم قال : إنّ الشمس أدنيت من أهل الأرض في الشتاء لينتفعوا بها ، ورفعت في الصيف لئلّا يؤذيهم حرها (٢).
قوله : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال مجاهد : يدورون كما يدور فلك المغزل. وقال بعضهم : يجرون كهيئة حديد الرحى. وقال الحسن : إنّ الشمس والقمر والنجوم في طاحونة بين السماء والأرض كهيئة فلكة المغزل يدورون فيها ؛ ولو كانت ملتزقة بالسماء لم تجر. وقال الكلبيّ : (يسبحون) : يجرون. وقال مجاهد في قوله عزوجل : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (٥) [الرحمن : ٥] قال : حسبان كحسبان الرحى ، يعني قطب الرحى الذي تدور عليه الرحى (٣).
قوله : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (٣٤) على الاستفهام ، أي : لا يخلدون.
__________________
(١) كذا في سع ورقة ٣٣ : «الأبلة» وهو الصحيح ، وهي مدينة قرب البصرة من جانبها البحري ، انظر البكري ، معجم ما استعجم ، ج ١ ص ٩٨. وفي ب وع وردت الكلمة هكذا : «لا يلة» و «لا يلت» ، وفيهما تصحيف.
(٢) كذا وردت هذه الأخبار منسوبة إلى نوف البكالي ، وإلى عبد الله بن عمرو ، وهي لا تمتّ إلى العلم بصلة. ولم يثبت فيها عن المصطفى صلىاللهعليهوسلم حديث صحيح.
(٣) الرحى. هكذا ترسم بألف مقصورة. والألف فيها منقلبة عن الياء ، تقول : رحيان وتجمع على أرحاء ، والكلمة مؤنّثة.