اعملوا وأبشروا [فو الذي نفسي بيده] (١) ما أنتم في الناس إلّا كالرقمة في ذراع الدّابّة ، أو كالشامة في جنب البعير ، وإنّكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلّا كثّرتاه : يأجوج ومأجوج ومن هلك [يعني من كفر] من بني إبليس (٢) ، وتكمل العدّة من المنافقين. فهنالك يهرم الكبير ويشيب الصغير (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها ..). إلى آخر الآية (٣).
قال بعضهم : وبلغني أن الكبير يحطّ يوم القيامة إلى ثلاث وثلاثين [سنة ، ويرفع الصغير إلى ثلاث وثلاثين سنة] (٤).
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) : يعني المشرك ، يلحد في الله ، فيجعل معه آلهة بغير علم أتاه من الله. (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) (٣) : أي اجترأ بالمعصية على الله ، والشياطين هي التي أمرتهم بعبادة الأوثان.
قوله : (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ) : تولّى إبليس أي : اتّبعه (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) : تفسير الكلبيّ : الله يضلّه (٥). (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٤) : والسعير اسم من أسماء جهنّم.
قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) : أي في شكّ (مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) : وهذا خلق آدم (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) : أي نسل آدم (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ
__________________
ـ (وضح) و (ضحك).
(١) زيادة من ز ، ورقة ٢١٩.
(٢) في ب وع : «من بني إسرائيل» وهو خطأ ، صوابه ما أثبتّه : «من بني إبليس». والتصحيح من سع ٣٨ ظ ، ومن ز ورقة ٢١٩ ، ومن تفسيري الطبريّ والقرطبيّ.
(٣) حديث صحيح أخرجه البخاريّ مختصرا في كتاب التفسير ، سورة الحجّ ، عن أبي سعيد الخدريّ ، وأخرجه أحمد والترمذيّ والنسائيّ وابن جرير وغيرهم من طرق مختلفة عن عمران بن حصين ، وأنس ، وابن عبّاس ، بألفاظ متقاربة.
(٤) زيادة من سع ، ورقة ٣٨ ظ.
(٥) هذا وجه من وجوه التأويل ، وللفرّاء وجه آخر لعلّه أقرب إلى الصواب. قال في المعاني ، ج ٢ ص ٢١٥ : «وقوله : (كُتِبَ عَلَيْهِ) الهاء للشيطان المريد في (عليه) وفي (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) ومعناه : قضي عليه أنّه يضلّ من اتّبعه». وهو ما ذهب إليه أيضا الطبريّ في تفسيره ، ج ١٧ ص ١١٦ حيث قال : «وتأويل الكلام : قضي على الشيطان أنّه يضلّ أتباعه ، ولا يهديهم إلى الحقّ».