أبواب الدّين ، فانّ همم الأبرار معقودة بها في كلّ حال ، وبنى الأمر فيهما على الرّجاء ، لأنّ حصولهما مترقّب ، فلم يجزم بالوفاء بالوعد بخلاف الإيناس فإنّه لمّا كان محقّقا حقّقه ب «انّ» تطمينا لهم. ومعنى «على النار» اشراف أهلها عليها أو استعلاؤهم المكان القريب منها.
[١١] ـ (فَلَمَّا أَتاها) أي النّار ، رآها تتّقد في شجرة خضراء (نُودِيَ يا مُوسى).
[١٢] ـ (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) بكسرها بتقدير القول. أو : لأنّ النّداء قول ، وفتحها «ابن كثير» و «أبو عمرو» (١) أي «بأني» ، وكرّر الضمير توكيدا للدّلالة.
قيل : لمّا نودي ، قال : من المتكلّم؟ قال : «انّى انا ربّك» فوسوس إليه إبليس : لعلّك تسمع كلام شيطان ، فقال : إنّي عرفت انه كلام الله بسماعي له من كلّ جهة وبكلّ عضو (٢).
وقيل : رأى النّار في الشجرة لم تضرّ خضرتها ، والخضرة لم تطفئها ، فعرف انّه لا يقدر عليه إلّا الله (٣) (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) امر به ، لأنّ الحفاء تواضع. وقيل : ليباشر الوادي بقدميه متبرّكا به (٤) (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) المطهّر أو المبارك (طُوىً) عطف بيان للوادي ، لم يصرف بتأويل البقعة ، ونوّنه «ابن عامر» و «الكوفيّون» بتأويل المكان (٥) وقيل : هو ك «ثنى» مصدر للقدس ، أي قدّس مرّتين (٦).
[١٣] ـ (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) للرّسالة وقرأ «حمزة» : «وانّا اخترناك» (٧) (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى)
__________________
(١) حجة القراآت : ٤٥١.
(٢) تفسير الكشّاف ٣ : ٥٤ مع اختلاف يسير ـ وتفسير البيضاوي ٣ : ١٧٢.
(٣) تفسير مجمع البيان ٤ : ٥.
(٤) قاله السدي وقتادة كما في تفسير الكشّاف ٣ : ٥٥.
(٥) تفسير مجمع البيان ٤ : ٣.
(٦) ينظر صحاح اللغة مادة «طوى».
(٧) حجة القراآت : ٤٥١.