حنّوهم عليه ـ : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ) بتربيته (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) بالقيام بأمره.
قيل : لمّا قالته ، قال هامان : انّها لتعرفه وأهله ، فقالت : انّما أردت «وهم» للملك «ناصحون» فذهبت الى امّه بأمرهم ، فأتت بها فقبل ثديها.
فقال لها «فرعون» : كيف لم يرتضع إلّا منك؟ قالت : انّي طيّبة الرّيح واللبن ، لا اوتى بصبيّ إلّا قبلني ، فدفعه إليها وأجرى عليها ، فذهبت به الى بيتها كما قال تعالى :
[١٣] ـ (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) بلقائه (وَلا تَحْزَنَ) لفراقه (وَلِتَعْلَمَ) عيانا (أَنَّ وَعْدَ اللهِ) بردّه إليها (حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أي النّاس (لا يَعْلَمُونَ) حقيقة وعده ، أو انّ الغرض الأصلي من الرّدّ علمها بذلك وغيره تبع ، وكأنّه تعريض بجزعها حين سمعت بالتقاطه فمكث عندها حتّى فطمته ، ثم تربّى عند «فرعون» كما حكى تعالى عنه : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ...) الآية (١).
[١٤] ـ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) كمال شدّته وهو ثلاث وثلاثون ، أو الحلم (وَاسْتَوى) أي تمّ استحكامه وبلغ الأربعين (آتَيْناهُ حُكْماً) نبوّة (وَعِلْماً) بالدّين ، أو سير الحكماء العلماء قبل بعثه ، فلا يفعل ما يستجهل به (وَكَذلِكَ) وكما فعلنا له (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) بإحسانهم.
[١٥] ـ (وَدَخَلَ) «موسى» (الْمَدِينَةَ) «مصر» أو «منف» (٢) من أرض مصر (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) وقت القائلة ، أو ما بين العشاءين ، أو يوم عيدهم وكان أخرجه إذ رأى منه ما ينكره ، أو لإعابته دينهم لمّا شبّ وعقل (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ) إسرائيليّ (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) قبطيّ يسخر ، الإسرائيليّ لحمل حطب الى مطبخ «فرعون» (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) طلب أن
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٨.
(٢) المنف ـ بالفتح ثم السكون ـ اسم مدينة فرعون بمصر (معجم البلدان).