(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ليس لأحد فيها شيء حتى يعطي غيره فيعجب بعطائه (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لا يقدر غيره على فعل مّا ، حتى يعجب برؤيته ، فيفرح به فرح إعجاب.
[١٩١ ـ ١٩٤] (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤))
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ) في جميع الأحوال وعلى جميع الهيئات (قِياماً) في مقام الروح بالمشاهدة (وَقُعُوداً) في محلّ القلب بالمكاشفة (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) أي : تقلباتهم في مكان النفس بالمجاهدة (وَيَتَفَكَّرُونَ) بألبابهم أي : عقولهم الخالصة عن شوب الوهم (فِي خَلْقِ) عالم الأرواح والأجساد. يقولون عند الشهود (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا) الخلق (باطِلاً) أي : شيئا غيرك ، فإنّ غير الحق هو الباطل ، بل جعلته أسماءك ومظاهر صفاتك (سُبْحانَكَ) ننزهك أن يوجد غيرك ، أي : يقارن شيء فردانيتك أو يثني وحدانيتك (فَقِنا عَذابَ) نار الاحتجاب بالأكوان عن أفعالك ، وبالأفعال عن صفاتك ، وبالصفات عن ذاتك وقاية مطلقة تامة كافية (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ) بالحرمان (فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) بوجود البقية التي كلها ذلّ وعار وشنار (وَما لِلظَّالِمِينَ) الذين أشركوا برؤية الغير مطلقا أو البقية (مِنْ أَنْصارٍرَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا) بأسماع قلوبنا (مُنادِياً) من أسرارنا التي هي شاطئ وادي الروح الأيمن (يُنادِي) إلى الإيمان العيانيّ (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ) أي : شاهدوا ربكم ، فشاهدنا (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا) ذنوب صفاتنا بصفاتك (وَكَفِّرْ عَنَّا) سيئات أفعالنا برؤية أفعالك (وَتَوَفَّنا) عن ذواتنا في صحبة الأبرار من الأبدال الذين تتوفاهم بذاتك عن ذواتهم ، لا الأبرار الباقين على حالهم في مقام محو الصفات غير المتوفين بالكلية (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى) اتباع (رُسُلِكَ) أو محمولا على رسلك من البقاء بعد الفناء ، والاستقامة بالوجود الموهوب بعد التوحيد (وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ) الكبرى ووقت بروز الخلق لله الواحد القهار بالاحتجاب بالوحدة عن الكثرة ، وبالجمع عن التفصيل (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) فتبقى مقاما وراءنا لم نصل إليه.
[١٩٥ ـ ١٩٩] (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ