[١٥٩ ـ ١٦١] (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١))
(فَبِظُلْمٍ) عظيم (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) أي : بعباداتهم عجل النفس واتخاذه إلها وامتناعهم عن دخول القرية التي هي حضرة الروح واعتدائهم في السبت بمخالفة الشرع والاحتجاب عن كشف توحيد الأفعال ونقضهم ميثاق الله واحتجابهم عن تجليات الصفات الذي هو كفرهم بآيات الله والانغماس في الرذائل كلها ، كقتل الأنبياء والافتراء على الله بكون قلوبهم غلفا أي : مغشاة بحجب خلقية لا سبيل إلى رفعها وبهتانهم على مريم ، وادعائهم قتل عيسى عليهالسلام من الخصال التي اجتماعها ظلم لا يعرف كنهه (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ) جنات النعيم من تجليات الأفعال والصفات وشهود الذات التي هي طيبات لا يعرف كنهها (أُحِلَّتْ لَهُمْ) بحسب قابلية استعدادهم لو لا هذه الموانع (وَبِصَدِّهِمْ) الناس بصحبتهم ومرافقتهم ودعوتهم إلى الضلال أو بصدّ قواهم الروحانية (عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراًوَ أَخْذِهِمُ) ربا فضول العلوم كالخلاف والجدل واللذات البدنية والحظوظ التي نهوا عنها (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) برذيل الحرص والطبع كأخذ الرشا وأجر التزويرات والتلبيسات أو استعمال علوم القوى الروحانية بين الفكر والعقل النظريّ والعلميّ في تحصيل المآكل والمشارب وكسب الحطام ، وتحصيل اللذات والشهوات الحسيّة والمآرب السبعية والبهيمية عذابا مؤلما لوجود استعدادهم.
[١٦٢ ـ ١٦٤] (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (١٦٢) إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٤))
(لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) أي : المحققون (مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ) بالإيمان التقليدي المطابق الثابت (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) إلى آخره ، أي : يتّصفون بالتزكية والتحلية (وَالْمُؤْمِنُونَ) الموحدون بالتوحيد العيانيّ (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) المعاينون لأحوال المعاد على ما هو عليه (أَجْراً عَظِيماً) من حظوظ تجليات الصفات وجناتها.
[١٦٥ ـ ١٧٠] (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٦٥) لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ