(وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) في نفي التأثير عن الأجرام والأكوان وترك تعبّد كل ما سوى الله (قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ) إلى توحيده (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ) وتقولون بتأثيره أبدا (إِلَّا) وقت (أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) من جهتها بي من مكروه أو ضرّ يلحقني من جهتها وذلك منه وبعلمه لا منها. (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) يعلم حالي وما فيه صلاحي ، إن علم إضراري من جهتها أولى بي فعل (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) فتميزوا بين العاجز والقادر.
[٨٢ ـ ٩٠] (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ (٨٦))
(وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧) ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨) أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (٨٩) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (٩٠))
(الَّذِينَ آمَنُوا) بالتوحيد الذاتي (وَلَمْ) يخلطوا (إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) من ظهور نفس القلب أو وجود بقية فإنها شرك خفيّ (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) الحقيقي الذي لا خوف معه (وَهُمْ مُهْتَدُونَ) بالحقيقة إلى الحق (وَتِلْكَ حُجَّتُنا) أي : حجة التوحيد التي احتجّ بها إبراهيم على قومه (كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) الذين يقومون بصلاح العالم وضبط نظامه وتدبيره لاستقامتهم بالوجود الموهوب الحقاني بعد فناء الوجود البشري (وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى) عالمي زمانهم.
[٩١ ـ ٩٢] (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢))
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) أي : ما عرفوه حق معرفته إذ بالغوا في تنزيهه حتى جعلوه بعيدا من عباده بحيث لا يمكن أن يظهر من علمه وكلامه عليهم شيء ولو عرفوه حق معرفته لعلموا أن لا وجود لعباده ولا لشيء آخر إلا به. ولكل موجود بوجوده لا وجود إلا له جميع عالم الشهادة ظاهره وعالم الغيب باطنه ، ولكل