مُقْتَرِفُونَ (١١٣) أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧))
(وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ولتميل إليه المحجوبون لمناسبتهم (وَلِيَرْضَوْهُ) لمحبتهم إياه ، فتقوى غوايتهم ويتظاهرون ويخرج ما فيهم من الشرور إلى الفعل ، ويزدادوا طغيانا وتعدّيا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم فتزداد قوة كماله وتهيج أيضا بسببه دواعي المؤمنين ، والذين في استعدادهم مناسبة للنبي صلىاللهعليهوسلم فتنبعث حميتهم ، وتزداد محبتهم للنبي صلىاللهعليهوسلم ونصرهم إيّاه ، فتظهر عليهم كمالاتهم ويتقوّى بهم النبي صلىاللهعليهوسلم كما قيل : إن شهرة المشايخ وكثرة مريديهم لا تكون إلا بواسطة المنكرين إياهم (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) أي : تم قضاؤه في الأزل بما قضى وقدّر من إسلام من أسلم وكفر من كفر ومحبة من أحبّ أحدا ، وعداوة من عادى قضاء مبرما وحكما صادقا مطابقا لما يقع عادلا بمناسبة كل قول وكل كمال وحال ، لاستعداد من يصدر عنه واقتضائه له (لا مُبَدِّلَ) لأحكامه الأزلية (وَهُوَ السَّمِيعُ) لما يظهرون من الأقوال والأفعال المقدّرة (الْعَلِيمُ) بما يخفون (أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) أي : من في الجهة السفلية بالركون إلى الدنيا وعالم النفس والطبيعة (يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بتزيينهم زخارفهم عليك ودعوتهم إياك إلى ما هم فيه (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) لكونهم محجوبين في مقام النفس بالأوهام والخيالات عن اليقين (وَإِنْ هُمْ إِلَّا) يخمنون المعاني بالصور والآخرة بالدنيا ، ويقدّرون أحوال المعاد وذات الحق وصفاته كأحوال المعاش وذواتهم وصفاتهم فيشركون ويحلون بعض المحرّمات.
[١١٨ ـ ١٢٢] (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨) وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩) وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠) وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١) أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢))
(فَكُلُوا) إلى آخره ، معلوم مما مرّ في (المائدة) ومسبب للنهي عن طاعة المضلين