واتباعهم (ظاهِرَ الْإِثْمِ) سيئات الأعمال والأقوال الظاهرة على الجوارح (وَباطِنَهُ) العقائد الفاسدة والعزائم الباطلة (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) بالجهل ، وهو النفس وباحتجابه بصفاتها (فَأَحْيَيْناهُ) بالعلم ومحبة الحق أو بكشف حجب صفاته بتجليات صفاتنا (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) من هدايتنا وعلمنا أو نورا من صفاتنا أو نورا منا بقيوميتنا له بذاتنا على حسب مراتبه ، كمن صفته هذا ، أي : هذا القول وهو أنه في ظلمات من نفسه وصفاتها وأفعالها ليس بخارج منها (كَذلِكَ زُيِّنَ) للمحجوبين عملهم فاحتجبوا به.
[١٢٣] (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣))
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ) للحكمة المذكورة في إعلاء الأنبياء وكذا في قرية وجود الإنسان التي هي البدن ، جعلنا أكابر مجرميها من قوى النفس الأمّارة ليمكروا فيها بإضلال القلب وفتنته وإغوائه (وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) لأن عاقبة مكرهم راجعة إليهم باحتراقهم بنيران فقدان الآلات والأسباب في جحيم الهوى والحرمان عن اللذات والشهوات وحصول الآلات الجسمانية عند خراب البدن وعند المعاد والبعث في أقبح الصور على أسوأ الأحوال.
[١٢٤] (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤))
(وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ) من صفة قلبية وإشراق نوري من هيئة ملكية خلقية ، أو علم وحكمة وفيض من روح ينكرونها بالإعراض عنها ، ويتمنون من قبل الوهم والخيال إدراكات مثل إدراكات العقل والفكر وتركيبات تخيلية ومغالطات وهمية يعارضون بها البراهين الحقة حتى يؤمنوا بها ويذعنوا لها. (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) لا يضعها إلا مواضعها من القوى الروحانية المجرّدة من المواد الهيولانية (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) باحتجابهم ومكرهم في إضلالهم من استعدّ للهدى أو اهتدى من القلوب الصافية (صَغارٌ عِنْدَ اللهِ) بزوال قدرتهم وتمكنهم بخراب البدن (وَعَذابٌ شَدِيدٌ) بحرمانهم عما يلائمهم ووصول ما ينافيهم في المعاد الجسماني بسبب مكرهم.
[١٢٥ ـ ١٢٧] (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧))