[٤٢] (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢))
(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا) من مدينة العلم ومحل العقل الفرقاني (وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) أي : الجهة السفلية البعيدة من الحق ومحل العلم وركب القوى الطبيعية الممتازة للقوى النفسانية (أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أي : من الفريقين (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ) اللقاء للمحاربة من طريق العقل والحكمة دون طريق الرياضة والوحدة (لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) لكون ذلك صعبا حينئذ ، موجبا للفشل والجبن (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) مقدّرا ، محققا عنده ، واجبا وقوعه فعل ذلك (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) هي كونها ملازمة للبدن الواجب الفناء منطبعة فيه (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) هي كونها مجرّدة عنه متصلة بعالم القدس الذي هو معدن الحياة الحقيقية الدائم البقاء.
[٤٣ ـ ٤٧] (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧))
(إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ) أيها القلب في منام تعطل الحواس الظاهرة وهدوّ القوى البدنية قليلي القدر ، ضعاف الحال (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً) في حال غلبة صفات النفس (لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ) في أمر كسرها وقهرها لانجذاب كل منكم إلى جهة (وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) عن الفشل والتنازع بتأييده وعصمته (وَلا تَكُونُوا) ككفرة القوى النفسانية الذين (خَرَجُوا مِنْ) ديار مقارّهم ومحالهم وحدودهم بطرا ورئاء الناس وإظهارا للجلادة على الحواس.
[٤٨ ـ ٤٩] (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٨) إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩))
(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ) شيطان (أَعْمالَهُمْ) أعمالهم في التغلب على مملكة القلب وقواه (وَقالَ