تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) (٤٠) [طه : ٤٠] وهو ضعيف بعيد.
(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (١٦٥) [النساء : ١٦٥] يحتج به على أن الله ـ عزوجل ـ لو لم يرسل الرسل إلى خلقه لم تقم حجته عليهم.
ونظير ذلك : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (١٣٤) [طه : ١٣٤].
(وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٤٧) [القصص : ٤٧] وتحقيق هذا أن حجة الله ـ عزوجل ـ على ضربين : خفية يستبد بعلمها ، وظاهرة يشاركه في العلم بها خلقه ، فالأولى : قائمة على الخلق بدون الرسل ؛ إذ هو سبحانه وتعالى غير متهم في حكمه وعدله.
والثانية : لا تقوم بدون الرسل ، أقوى الحجتين وأظهرهما ، فأخذ الله ـ عزوجل ـ بها ؛ لأنها أحوط لدفع تهمة الجور عنه من الكفار ؛ إذ لو عاقبهم بحسب علمه فيهم لقالوا : ما أنصفتنا ، لو أنذرتنا برسول ، / [١٢٢ / ل] لما توجهت لك علينا حجة ، ثم ترتب على هذا أن العقل [لا حكم] له إذ / [٥٨ أ / م] لو كان له حكم لما توقف قيام حجة الله ـ عزوجل ـ على خلقه على بعثة الرسل ، إذ كان العقل كافيا في قيام الحجة ، وهذه الآية من هذا الوجه موافقة لقوله عزوجل ـ : (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٥) [الإسراء : ١٥] ولم يقل حتى نجعل لكم عقولا ، غير أن تحقيق محل النزاع ما هو ، فالجمهور يحكون عن المعتزلة أنهم يقولون : العقل حاكم ، وهي عبارة فيها إجمال وشناعة لإيهامه الشرك في الحكم كما أشركوا في خلق الأفعال ، والمعتزلة يفسرون مرادهم بأن العقل جعله الله ـ عزوجل ـ مدركا لحسن الحسن وقبح القبيح ، بحيث يقتضي من جهة الحكمة المناسبة والمناسبة الحكمية أن يثاب على الأول ، ويعاقب على الثاني ، وأن الحسن والقبح مدركان بالعقل ، كما يدركان بالشرع ، وأن الشرع مؤكد لحكم العقل في ذلك