الولد ؛ لأنه يستدعي ولادة والولادة تستدعي زوجة وافتقارا إلى الوقاع المستلزم للجسمية ، وكل ذلك ممتنع في حق الله ـ عزوجل.
الوجه الثاني : التقريع العرفي بقوله ـ عزوجل ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٥٧) [النحل : ٥٧] ، (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (٥٨) [النحل : ٥٨] أي أنهم يختارون لأنفسهم البنين الذين هم أشرف وأكمل ، ويعتقدون لربهم البنات اللاتي هن أخس وأنقص ، حتى إن أحدهم إذا بشر أن قد ولدت له بنت اسود وجهه من الكآبة والحزن ، يتوارى من أصحابه حياء وخجلا ، وظنا أن قد لحقه عار عظيم ، ثم يتردد رأيه بين أن يستبقي تلك البنت على هوان وعار يلحقه منها ، أو يدفنها في التراب حية ، وهي الموءودة كشفا للعار عنه ، ومع هذا كله يختارون لربهم نقائص البنات ، ويستأثرون عليه باختيار كمال البنين ، وقد كان يجب ـ إن لم يكن بد من سوء القالة ، وقبح المقالة ـ أن يختاروا له أفضل القبيلين ، لكن (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) (٢١) / [١٢٠ ب / م) [النجم : ٢١].
(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) (٦٢) [النحل : ٦٢] فزين لهم الشيطان أعمالهم بالوسواس ومساعدة القدر (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) [النحل : ٦٣] يحتمل أنه وليهم من حين ماتوا ، حيث حلوا دار البوار باتباعه ؛ فيصح أنه كان وليهم يوم نزلت هذه الآية ، ويحتمل أن هذا الكلام قيل في الأزل على جهة الحكاية كما يقال يوم القيامة ، أي زين لهم الشيطان أعمالهم ، حتى إنه ليقال يوم القيامة : (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) [النحل : ٦٣].
(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٦٧) [النحل : ٦٧] منسوخ بالنصوص في تحريم المسكر.
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (٦٨) [النحل : ٦٨] أي ألهمه ، والوحي إما بإلهام أو إرسال أو رؤيا ونحوه.