(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) (٧٨) [طه : ٧٨] هذه من الإشارات / [٢٨٨ / ل] جوامع الكلم.
(وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) (٧٩) [طه : ٧٩] بالكسب والتسبب ، عند الجمهور ، وبخلق الضلال عند المعتزلة ، و (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) (٧٩) [طه : ٧٩] يحتمل أنه تأكيد لمعني (قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) (٨٥) [طه : ٨٥] ، ويحتمل أن «أضل» لما كان في سياق الإثبات كان مطلقا لا عموم له ، يصدق بمرة واحدة بين إرادة العموم منه بعموم لازمه ، وهو سلب الهداية ، إذ الضلال يلزمه عدم الهدى.
(قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) (٨٤) [طه : ٨٤] يستفاد منه أن الأمر للفور ؛ لأن موسى كان مأمورا بالسعي لميقات ربه ، ثم إنه علل عجلته برضى ربه ، وجعلها سببا له ، وإذا كانت الفورية في امتثال الأمر سببا للرضى ، كان التراخي سببا للغضب عملا بموجب قياس العكس ، وغضب الله ـ عزوجل ـ واجب الاجتناب ، ورضاه واجب التحصيل ، وسببه فورية الامتثال ، وسبب الواجب واجب ، ففورية الامتثال واجبة ، وهو المطلوب.
(قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) (٨٥) [طه : ٨٥] يحتج به الجمهور لإضافة الله ـ عزوجل ـ فتنتهم إلى نفسه ، وربما أجيب بأن الفتنة هاهنا الاختبار لا الضلال ، اختبرهم فلم يثبتوا على محك الامتحان.
(قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) (٨٥) [طه : ٨٥] يحتج به المعتزلة لإضافة الضلال / [١٣٦ أ / م] إلى السامري ، ويجاب عنه بأنه أضيف إليه باعتبار التسبب والكسب ، وقد سبق في «الأعراف» أن موسى قال : «يا رب هذا السامري صاغ العجل فمن أنطقه؟» قال : أنا ، قال : فما فتن قومي إلا أنت (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) [الأعراف : ١٥٥] ، قال : أحسنت يا حكيم الحكماء.
(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) (٨٨) [طه : ٨٨] يحتج به الاتحادية ؛ لأن العجل كان جمادا ؛ وإنما تحرك وخار لظهور الحق فيه ، واتخاذه مظهرا له كالصورة التي يظهر فيها للناس يوم القيامة ، ويؤكد ذلك أن