قدح في عصمتهم بمخالفة ونحوها.
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢٨) [الأنبياء : ٢٨] أي : ما قبلهم وبعدهم إشارة إلى أن لوجودهم ابتداء وانتهاء ردا على من اعتقد قدمهم ، وأنهم أزليون أبديون (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢٨) [الأنبياء : ٢٨] فيه إثبات الشفاعة لبعض الناس ، وأن الملائكة تشفع لهم بإذن الله ـ عزوجل ـ ، وهم من خشيته مشفقون إشارة إلى أدبهم ، وكمال خشيتهم التي هي سبب عصمتهم ؛ إذ العصمة هي اجتناب المعصية / [١٣٩ ب / م] لكمال المعرفة ، وكمال المعرفة توجب الخشية ، (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (٢٨) [فاطر : ٢٨].
(وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢٩) [الأنبياء : ٢٩] تحتمل وجوها : أن على تقدير أن يقول ذلك منهم قائل نعذبه ، إشارة إلى تعظيم الشرك قبحا ، وأنه ـ عزوجل ـ لا يحابي فيه أحدا حتى أكرم الخلق عنده ، وإن كان ذلك لا يقع منه لعصمتهم ، لكنه مفروض.
الثاني : أن ذلك إشارة إلى / [٢٩٦ / ل] إبليس على القول بأنه من الملائكة ، وأنه هم في نفسه بالمنازعة بالإلهية ؛ فجوزي الخزي واللعنة.
الثالث : التنبيه على أن هذا القول جائز الوقوع منهم إشارة إلى أن عصمتهم من وقوع المعصية ، والكفر لا من جوازهما كما سبق في الأنبياء.
قوله ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (٣٠) [الأنبياء : ٣٠] إلى (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣٣) [الأنبياء : ٣١ ـ ٣٣] آيات عظيمة تدل على الصانع وقدرته وعظمته ووحدانيته تنبيها للكفار على النظر والاستدلال ،