ربه ، وأن خلق التسبيح في الجبال ممكن إما بإظهار حياة كامنة فيها ، أو بخلق حياة لم تكن.
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٨٥) [الأنبياء : ٨٥] يحتج به على أن الذبيح هو إسماعيل ؛ لأنه حكى عن / [١٤٠ ب / م] الذبيح أنه قال عند إرادة ذبحه : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (١٠٢) [الصافات : ١٠٢] ثم وصفه هاهنا بالصبر الموصوف به هناك ، فكان ظاهرا في أن الصابر هنا هو الصابر هناك.
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٨٧) [الأنبياء : ٨٧] [حمله بعضهم على ظاهره في نفي القدرة ، وتأوله] الأكثرون على معنى لن نضيق عليه من قوله ـ عزوجل ـ : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (٧) [الطلاق : ٧] ، (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) (٢٦) [الرعد : ٢٦] أي يضيق ، تنزيها لنبي الله يونس عن أن يعتقد نفي قدرة الله ـ عزوجل ـ عن شيء ، هو أليق بحال الأنبياء ، بل المتعين في حقهم ، إذ لا يجوز أن يكون نبيا من يجهل صفات ربه ، وما يجوز عليهن وما يمتنع.
فأما ذلك النباش الذي قال لبنيه : إذ مت فاحرقوني وذروني في البحر ؛ فإن ربي إن قدر عليّ عذبني ، ثم إن الله ـ عزوجل ـ غفر له فإنه عذره لجهله مع أن ذلك منه أيضا قد تأوله بعض الناس.
(فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) (٩٠) [الأنبياء : ٩٠] يعني الأنبياء المذكورين في السورة علل فضله عليهم بطاعتهم ومسارعتهم في الخيرات ودعائهم وخشوعهم ، ويحتج به من يرى النبوة مكتسبة بالاستعداد بالعمل الصالح ونحوه ، والمشهور أنها تخصيص من الله ـ عزوجل ـ دائر مع مشيئته لا غير لقوله ـ عزوجل ـ (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ