لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّ رجلا كان يطلب أبا جهل بن هشام دينا عن جزور كان قد اشتراه منه ، فاشتغل أبو جهل بشرب الخمر ولم يدفع للرّجل دينه ، فشكا حاله إلى رجل وكان من المستهزئين بالنّبيّ ، فقال له : أدلّك على رجل يستخرج حقّك؟ قال : نعم ، فدلّه على النّبيّ صلىاللهعليهوآله وكان أبو جهل يقول : ليت لمحمّد إليّ حاجة فأسخر به وأردّه ، فأتى الرّجل إلى النّبيّ صلىاللهعليهوآله وقال له : بلغني أنّ بينك وبين عمرو بن هشام حسن صداقة ، وأنا استشفع بك إليه فأجابه إلى ذلك وقام معه ، فطرق بابه فخرج أبو جهل فقال له : أدّ إلى الرّجل حقّه ، فقام مسرعا وأدّى إليه حقّه ، فلمّا اجتمع أبو جهل بأصحابه قال له بعضهم : فعلت ذلك فرقا من محمّد صلىاللهعليهوآله ؟ فقال : ويحكم! اعذروني إنّه لمّا أقبل إليّ رأيت عن يمينه رجالا بأيديهم حراب تتلألأ ، وعن يساره ثعبانان تلمع النّيران من أبصارهما لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بالحراب ويقضمني الثّعبانان. هذا أكبر ممّا اعطي موسى.
ولقد كان النّبيّ صلىاللهعليهوآله يؤذي قريشا بالدّعاء ، فقام يوما فسفّه أحلامهم ، وعاب دينهم ، فشتم أصنامهم ، وضلّل آباءهم ، فاغتمّوا من ذلك غمّا شديدا ، فقال أبو جهل : والله! للموت خير لنا من الحياة ، فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمّدا فيقتل به؟ فقالوا له : لا ، فقال : أنا أقتله فإن شاء بنو عبد المطّلب قتلوني به وإلاّ تركوني ، فقالوا له : إنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي خيرا لا تزال تذكر به.
قال أبو جهل : إنّه كثير السّجود حول الكعبة ، فإذا جاء وسجد أخذت حجرا فشدخته به ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله فطاف بالبيت سبعا ثمّ صلّى وأطال