وعلى أي حال فقد أخذ الإمام في رسالته في الاحتجاج على معاوية قائلا :
« وذكرت أنّه ليس لي ولأصحابي عندك إلاّ السّيف ، فلقد أضحكت بعد استعبار (١)! متى ألفيت بني عبد المطّلب عن الأعداء ناكلين ، وبالسّيف مخوّفين؟!
فلبث قليلا يلحق الهيجا حمل (٢)
فسيطلبك من تطلب ، ويقرب منك ما تستبعد ، وأنا مرقل (٣) نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار ، والتّابعين لهم بإحسان ، شديد زحامهم ، ساطع قتامهم (٤) ، متسربلين سرابيل الموت (٥) ؛ أحبّ اللّقاء إليهم لقاء ربّهم ، وقد صحبتهم ذرّيّة بدريّة ، وسيوف هاشميّة ، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدّك وأهلك وما هي من الظّالمين ببعيد » (٦).
عرض الإمام في هذا المقطع الأخير من رسالته إلى تهديد معاوية للإمام بالسلاح والقوى العسكرية التي يملكها فردّ عليه الإمام ساخرا ومستهزئا ، وانه والاسرة الهاشمية لا يرهبهم الموت ، ولا تخيفهم قوة العدو ، وانهم على استعداد
__________________
(١) الاستعبار : البكاء.
(٢) لبث قليلا يلحق الهيجا حمل ، هو شطر من بيت قاله بدر بن قشير لمّا اغير على إبله في الجاهلية فاستنقذها وقال :
لبث قليلا يلحق الهيجا حمل |
|
لا بأس بالموت اذا الموت نزل |
(٣) مرقل نحوك : أي مسرع.
(٤) القتام : الغبار.
(٥) متسربلين : أي لابسين.
(٦) صبح الأعشى ١ : ٢٢٩. نهاية الأدب ٧ : ٢٣٣. نهج البلاغة ٢ : ٢١.