صرعى بإزاء هذا النّهر بغير برهان ولا سنّة ، ألم تعلموا أنّي نهيتكم عن الحكومة ، وأخبرتكم أنّ طلب القوم لها مكيدة ، وأنبأتكم أنّ القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، وأنّي أعرف بهم منكم ، وقد عرفتهم أطفالا ، وعرفتهم رجالا ، فهم شرّ رجال وشرّ أطفال ، وهم أهل المكر والغدر ، وأنّكم إن فارقتموني ورأيي جانبتم الخير والحزم ، فعصيتمونى وأكرهتموني حتّى حكّمت ، فلمّا أن فعلت شرطت واستوثقت ، وأخذت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن ، وأن يميتا ما أمات القرآن ، فاختلفا ، وخالفا حكم الكتاب والسّنّة وعملا بالهوى ، فنبذنا أمرهم ، ونحن على أمرنا الأوّل ، فما نبؤكم ومن أين اتيتم ... ».
وحكى هذا الاحتجاج إكراه الخوارج للإمام على التحكيم ، وانه رفضه ولكنهم أصرّوا عليه ، وان الإمام عليهالسلام لم يوافق عليه إلاّ بعد أن اشترط على الحكمين أن يحكما بما وافق الكتاب والسنة ، ولمّا لم يحكما بذلك كان حكمهما مرفوضا إلاّ انّ الخوارج لم يعوا كلام الإمام فردوا عليه قائلين :
إنّا حيث حكّمنا الرجلين أخطأنا بذلك ، وكنّا كافرين ، وقد تبنا من ذلك ، فإن شهدت على نفسك بالكفر وتبت كما تبنا فنحن معك وإلاّ فاعتزلنا ، وإن أبيت فنحن منابذوك على سواء.
فأنكر الإمام مقالتهم وقال :
« أبعد إيماني بالله ، وهجرتي وجهادي مع رسول الله صلىاللهعليهوآله أبوء وأشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.
ويحكم! بم استحللتم قتالنا ، والخروج من جماعتنا؟ أأن اختار النّاس رجلين ، فقالوا لهما : انظرا بالحقّ فيما يصلح العامّة