الأول الذي هو المبدع الأول دائرته الأولة ، والثانية للمنبعث الأول الذي هو حجابه وجنة من صعد من الرتب السفلية والعلوية. فهذان فلكها متحدان الأول به ومن بلغ إليه كان في أفقه في هذا البياض فوق الخط. هذه الدوائر السبع في كل دائرة من العقول ما لا يحصى بعدّ ولا يوصف بحد ، وهي المراتب التي أجابت المنبعث الأول في دعوته وسبقت العاشر إلى القيام بالفعل الذي هو الكمال الثاني فيما غفل عنه وسها من أن يلتزم بالسابق عليه الذي هو المنبعث الأول ، ولم يقر بوحدانية المبدع الحق ولا إلهية ولا شهد بما شهد به المبدع الأول فقط.
فلما سبقته هذه العقول المترتبة ، وكان أولا في الدائرة الثالثة تأخر إلى ما كان عاشرا في العدد منفردا بذاته ، وأقبلت عليه العقول جميعها بالوحي والإلهام حتى رجع إلى ما غفل عنه وسها وأقر وتاب وأناب ، فقام بالفعل لما صح له الكمال الثاني وقام في عالم الطبيعة مقام المبدع الأول في عالم القدس إلى ما يكمل الولد التام ، وقام في الأمر مقامه ، فعلى ذلك ارتقاء وصعود أبدا سرمدا ، بسريان روح القدس الجاري من النهاية الأولة ، وضياء نوره. وهذا بيان ما وعدنا ببيانه ، ونحن نعود إلى فصل من كلام الشيخ أبي يعقوب قدس الله سرّه حيث يقول في الكتاب :
وقلنا إن الباري سبحانه أحدث وأبرز الأمر علته للمعلول أثرا بالمحدث الذي أحدثه وهو الوحدة والأول والعلة والأزل والشيء والكلمة ، والعقل سابعها وجامع لهذه كلها. فهذا العقل وذاته وهو المركز لدائرة ما ، فصارت هذه الحروف التي ذكرناها نقطا للدائرة فدارت الدائرة إلى عودها النقطة الثانية من المركز وهي النفس ، وصارت سابعها مركز النقطة للأجزاء الستة التي صارت حروفا ، وكل حرف نقطها سابعها مركز صارت ببركة مقدر الأشياء ، بما قدر فيها ، فكان ابتداؤها الأنوار الروحانية المستجنة الدائرة (١) بها وصارت سابعها.
__________________
(١) الدائرة : الدائر في ج.