الباب الأوّل :
في القول على التوحيد (١) مما وضعته الحدود لأنّه أول ما افترض الله سبحانه على عباده بقوله ع ج : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٢). وأجل العبادات توحيده وتمجيده وتقديسه كما قال الحكيم (٣) : إذا كان الله أعظم من كل شيء ، فالمعرفة به من أجل العلوم.
وسئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن معرفة الله تعالى فقال : تدلك الصنعة على صانعها ، والفعل على فاعله. لذلك واجب على كل عالم أن يعرف الصنعة على حكم النظر لا على حكم التقليد ، ويجب على كل عارف (٤) أن يعلم بأن الوجود ينفي الشك والريبة ، والعدم يثبت البعد (٥) والحيرة. فالوجود ما دلّ عليه القلب والنظر ، فمن سلك طريق التوحيد على حكم النظر
__________________
(١) في القول على التوحيد : في القول على التوحيد من غير تشبيه ولا تعطيل ج وط.
(٢) سورة ٥١ / ٥٦.
(٣) من الملاحظ ان دعاة وعلماء الإسماعيلية يستعملون هذه العبارة (الحكيم ع. م) في أكثر كتب الحقيقة دون أن يشيروا إلى صاحب هذا الاسم ، ولا إلى الشخصية المقصودة بهذه العبارة ، وباعتقادي أن المقصود فيها هو أحد الأئمة المستورين ، ونرجح بأن المعني بهذا القول الإمام المستور الوفي أحمد (١٩٨ ـ ٢٦٥ ه) صاحب رسائل إخوان الصفاء.
(٤) يعني بكل عارف أولئك الذين تكشفت لهم روح الروح أو نفس النفس وجواهرها العرفانية الباطنية.
(٥) يريد البعد عن التأييد والمؤيدين وعن الارتشاف من ينابيعهم الروحانية السرمدية.