الباب الثّالث عشر
«في القول على اتصال صورة المستفيد بالمفيد وارتقائه إليه تلخيصا
يزيد فيما تقدم من القول صحة وبيانا إن شاء الله تعالى»
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله سبحانه أسس دينه على مثال خلقه ، وخلقه على مثال دينه ، ليستدل بخلقه على دينه ، وبدينه على وحدانيته.
وقال العالم عليهالسلام : نظرنا وعلمنا فأثبتنا ما نظرنا بما علمنا. وتدبرت الحكماء ما أدركته من الصنعة العجيبة والحكمة الغريبة في عالم الطبيعة ، فوجدوها على قسمين : عالم الأفلاك ، وما يحوي عليه من البروج والكواكب المدبرات وبقائها على الحركة المشتملة على القدرة ، وهي مؤثرة فاعلة فيما دونها من عالم الكون والفساد التي هي القسم الثاني القابل للتأثير والتدبير.
وكان عالم الكون والفساد أيضا ينقسم إلى قسمين : الأمهات ، وهي تستحيل كبرياتها ؛ والمواليد الثلاثة ، وهي تستحيل بكلياتها ؛ والأملاك (١) السبعة والبروج الاثنا عشر بمناظراتها ومجاسداتها ، وبحكم سعودها ونحوسها تنشئ ذلك وتلاشيه. فأول فعلها في فلك النار (٢) فإنها تجتذب من الأرض وتستخرج حرا ويبسا للطافته ، فيتصاعد إلى فلك النار ، ويكثر في ذلك الركن ، فينحل منه جزء ، ويعود مما صعد عوضه ، وينحدر المنحل إلى فلك الهواء ، وفي انحداره
__________________
(١) الأملاك : الأفلاك في ج.
(٢) النار : سقطت في ج.