الباب التّاسع
«في القول على ظهور الشخص الفاضل
من تحت خط الاعتدال» (١)
فنقول : إن أهل (٢) هذه المغارات التي طابت عناصرها ، وصفت جواهرها في نفوسها وأجسامها ، لما تحركت إلى منافعها من مآكلها ومشاربها ، تحرك من جملتها شخص واحد فيه من الفطنة والذكاء والتمييز في جميع الأشياء بقصد عن العقول ، ووحي وإلهام ، وتفضل وإنعام ، إلى ذاته بذاته بتأييدات ربانية ، ومواد إلهية قدسية علويّة «ففكّر ودبر وتفطن» (٣) وأبصر فأقر أن لهذه الصنعة صانعا حكيما ، وشهد لباري البرايا بالإلهية ، وجرده عن الصفات الاختراعية ، وكانت شهادته كمال الشهادات الثلاث (٤) في الآية بقوله محققا ذلك : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٥). فهذه شهادة المبدع الأول الواقع عليه اسم الإلهية ، ثم قال : (وَالْمَلائِكَةُ) (٦) ، الذين شهدوا بمثل ذلك ، المنبعث الأول ، والعقول الانبعاثية ، والعاشر ؛ ثم قال : (وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٧) الآية ، وهذه الشهادة الثالثة لأهل المغارات الذين وسمهم بالعلم.
فوحد الشخص المذكور وجرد ونزّه وسبّح وقدس ؛ فطرقه التأييد بروح
__________________
(١) الباب التاسع : الباب السابع في ج.
(٢) أهل : سقطت في ج وط.
(٣) ففكر ودبر وتفطن : سقطت في ج وط.
(٤) الثلاث : سقطت في ط.
(٥) سورة ٣ / ١٨.
(٦) سورة ٣ / ١٨.
(٧) سورة ٣ / ١٨.