في الصور وقام الولد التام مهيئ لقبول آثار الملكوت ، وانصب إليه التأييد المصون والكتاب المخصوص به الذي لم يتحد بأحد من النطقاء والأسس عليهمالسلام ، وصار الولد التام قطب الفلك الروحاني ومركز الدوائر لنشوء الخلق الجديد الأخير الذي نطق به الكتاب في قوله تعالى : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) (١). إذ هو نهاية العلم ، وقام صاحب نهاية العلم مهيئ لقبول آثاره ، وصار صاحب أول نقطة الدائرة العظمى ، واغتذت الصورة الروحانية منها الغذاء الأبدي ، وتكررت بالتأييد الملكوت النوراني البارق الذي ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وله فوائد من الوحدة والأصلين ، فنمت بغذائهما من التأييد الأبدي أكثر نموا من الأجسام ، ولا تزال تدور تلك الدوائر حتى تخرج الصور الروحانية من القوة إلى حد الفعل.
فقد بين في هذا الفصل أن قائم دور الستر هو القائم الذي ذكرناه بما وصفناه بأنّه قائم دور العمل ، وكذلك تدور بقيامه في الكشف مراتب النطقاء الستة سبعة آلاف بعد سبعة إلى أن يقوم العلم بالقوة ، كما قال سيدنا حميد الدين قدس الله سرّه :
لا يزال العلم بالفعل ما دامت السموات والأرض ولا تزال تنحل عنهم على مضي الأيام المعالم الدينية إلى أن لا يبقى شيء ، فيرجع العلم إلى القوة بقلة أهله ، ويظهر الجهل بكثرة أهله ، ويظلم العالم بوحشة الجهل كما قال تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) (٢) إلى قوله : (وَغَسَّاقاً) (٣). ثم يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد على ما تقتضيه حكمته. فذلك كذلك كما قد ذكرنا ، فدور الستر يكون بعد هذا الجهل القائم بالفعل ، وتقع المحنة والاستتار ، ولله
__________________
(١) سورة : ٢٩ / ٢٠.
(٢) سورة : ٧٨ / ٢٣.
(٣) سورة : ٧٨ / ٢٥.