سبعة أشهر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب عليّ وفاطمة فقال : «الصلاة الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)». وفي إسناده أبو داود الأعمى ، وهو وضاع كذّاب. وفي الباب أحاديث وآثار ، وقد ذكرنا هاهنا ما يصلح للتمسك به دون ما لا يصلح.
وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين ، فجعلت هذه الآية شاملة للزوجات ولعلي وفاطمة والحسن والحسين ، أما الزوجات فلكونهنّ المرادات في سياق هذه الآيات كما قدّمنا ، ولكونهنّ الساكنات في بيوته صلىاللهعليهوسلم النازلات في منازله ، ويعضد ذلك ما تقدّم عن ابن عباس وغيره. وأما دخول عليّ وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته في النسب ، ويؤيد ذلك ما ذكرناه من الأحاديث المصرّحة بأنهم سبب النزول ، فمن جعل الآية خاصة بأحد الفريقين ؛ فقد أعمل بعض ما يجب إعماله ، وأهمل ما لا يجوز إهماله. وقد رجّح هذا القول جماعة من المحققين منهم القرطبي ، وابن كثير ، وغيرهما. وقال جماعة : هم بنو هاشم ، واستدلوا بما تقدم من حديث ابن عباس ، ويقول زيد بن أرقم المتقدّم ، حيث قال : ولكنّ آله من حرم الصدقة بعده : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل العباس ، فهؤلاء ذهبوا إلى أن المراد بالبيت بيت النسب.
قوله : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) أي : اذكرن موضع النعمة إذ صيركنّ الله في بيوت يتلى فيها آيات الله والحكمة ، أو اذكرنها ، وتفكرن فيها لتتعظن بمواعظ الله ، أو اذكرنها للناس ليتعظوا بها ، ويهتدوا بهداها ، أو اذكرنها بالتلاوة لها لتحفظنها ، ولا تتركن الاستكثار من التلاوة. قال القرطبي : قال أهل التأويل ؛ آيات الله : هي القرآن ، والحكمة : السنة. وقال مقاتل : المراد بالآيات والحكمة : أمره ونهيه في القرآن. وقيل : إن القرآن جامع بين كونه بينات دالة على التوحيد وصدق النبوة ، وبين كونه حكمة مشتملة على فنون من العلوم والشرائع (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) أي : لطيفا بأوليائه خبيرا بجميع خلقه وجميع ما يصدر منهم من خير وشرّ وطاعة ومعصية ، فهو يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
وقد أخرج أحمد ، ومسلم ، والنسائي ، وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر قال : أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم والنّاس ببابه جلوس ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم جالس فلم يؤذن له ، ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له ، ثم أذن لأبي بكر وعمر فدخلا ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم جالس وحوله نساؤه وهو ساكت ، فقال عمر : لأكلمنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم لعلّه يضحك ، فقال عمر : يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألت النفقة آنفا فوجأت في عنقها ، فضحك النبيّ صلىاللهعليهوسلم حتى بدت نواجذه وقال : «هنّ حولي يسألنني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها ، وقام عمر إلى حفصة ، كلاهما يقولان : تسألان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما ليس عنده ، فنهاهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلن نساؤه : والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده ، وأنزل الله الخيار ، فنادى بعائشة فقال : «إنّي ذاكر لك أمرا ما أحبّ أن تعجلي فيه حتّى تستأمري أبويك» قالت : ما هو؟ فتلا عليها : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) الآية ، قالت عائشة : أفيك أستأمر أبويّ ، بل أختار الله ورسوله ، وأسألك أن لا تذكر لنسائك ما اخترت : فقال : «إنّ الله لم يبعثني متعنّتا ولكن