يلقون ملك الموت ليس من مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه. وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، والخطيب ، وابن عساكر عن ابن عباس قال : لما نزلت (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) وقد كان أمر عليا ومعاذا أن يسيرا إلى اليمن ، فقال : انطلقا فبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، فإنها قد أنزلت عليّ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) قال : شاهدا على أمتك ، ومبشرا بالجنة ، ونذيرا من النار ، وداعيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله (بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) بالقرآن. وأخرج أحمد ، والبخاري ، وغيرهما من عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في التوراة فقال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن «يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا ، وحرزا للأميّين ، أنت عبدي ورسولي ، سمّيتك المتوكّل ليس بفظّ ولا غليظ ولا صخّاب في الأسواق ، ولا تجزي بالسيّئة السيئة ، ولكن تعفو وتصفح» زاد أحمد «ولن يقبضه الله حتّى يقيم الملّة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ، فيفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صمّا ، وقلوبا غلفا». وقد ذكر البخاري في صحيحه في البيوع هذا الحديث فقال : وقال سعيد عن هلال عن عطاء عن عبد الله بن سلام ، ولم يقل عبد الله بن عمرو ، وهذا أولى ، فعبد الله بن سلام هو الذي كان يسأل عن التوراة فيخبر بما فيها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١) لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢))
لما ذكر سبحانه قصة زيد ، وطلاقه لزينب ، وكان قد دخل بها ، وخطبها النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعد انقضاء عدّتها ، كما تقدّم ، خاطب المؤمنين مبينا لهم حكم الزوجة إذا طلقها زوجها قبل الدخول فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) أي : عقدتم بهنّ عقد النكاح ، ولم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد كما قاله صاحب الكشاف والقرطبي وغيرهما.
وقد اختلف في لفظ النكاح هل هو حقيقة في الوطء ، أو في العقد ، أو فيهما على طريقة الاشتراك ، وكلام صاحب الكشاف في هذا الموضع يشعر بأنه حقيقة في الوطء ، فإنه قال النكاح الوطء ، وتسمية العقد نكاحا