عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب. وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن أنس قال : «لما تزوّج رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ، ثم جلسوا يتحدّثون وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا ، فلما رأى ذلك قام ، فلما قام قام من قام وقعد ثلاثة نفر ، فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم ليدخل فإذا القوم جلوس ، ثم إنهم قاموا فانطلقت فجئت فأخبرت النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنهم قد انطلقوا ، فجاء حتى دخل ، فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه ، فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) الآية. وأخرج ابن جرير عن عائشة أن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم كنّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ، وهو صعيد أفيح ، وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلىاللهعليهوسلم احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر بصوته الأعلى : قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله الحجاب قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) الآية. وأخرج ابن سعد عن أنس قال : نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بزينب بنت جحش ، وذلك سنة خمس من الهجرة ، وحجب نساءه من يومئذ وأنا ابن خمس عشرة سنة. وكذا : وأخرج ابن سعد عن صالح بن كيسان ، قال : نزل الحجاب على نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة ، وبه قال قتادة والواقدي. وزعم أبو عبيدة وخليفة بن خياط أن ذلك كان في سنة ثلاث. وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) قال : نزلت في رجل همّ أن يتزوّج بعض نساء النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعده. قال سفيان. وذكروا أنها عائشة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال : بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمّد عن بنات عمنا. ويتزوّج نساءنا من بعدنا؟ لئن حدث به حدث لنتزوجنّ نساءه من بعده ، فنزلت هذه الآية. وأخرج عبد الرزاق ، وعبد ابن حميد ، وابن المنذر عن قتادة قال : قال طلحة بن عبيد الله : لو قبض النبيّ صلىاللهعليهوسلم لتزوّجت عائشة. فنزلت. وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم قال : نزلت في طلحة لأنه قال : إذا توفّي النبيّ صلىاللهعليهوسلم تزوّجت عائشة. قال ابن عطية : وهذا عندي لا يصح على طلحة بن عبيد الله. قال القرطبي : قال شيخنا الإمام أبو العباس : وقد حكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة وحاشاهم عن مثله ، وإنما الكذب في نقله ، وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال. وأخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس قال : قال رجل من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لو قد مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوّجت عائشة أو أمّ سلمة ، فأنزل الله : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) الآية. وأخرج ابن جرير عنه «أنّ رجلا أتى بعض أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم فكلّمها وهو ابن عمها ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا تقومنّ هذا المقام بعد يومك هذا ، فقال : يا رسول الله إنها ابنة عمي ، والله ما قلت لها منكرا ، ولا قالت لي ، قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : قد عرفت ذلك ، إنه ليس أحد أغير من الله ، وإنه ليس أحد أغير مني ، فمضى ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمّي! لأتزوّجنّها من بعده ، فأنزل الله هذه الآية ، فأعتق ذلك الرجل رقبة وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله ، وحجّ ماشيا توبة من كلمته. وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس قالت : خطبني عليّ فبلغ ذلك فاطمة ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم