عليك؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قولوا اللهم صلّ على محمّد وأزواجه وذرّيته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمّد ، وأزواجه وذرّيته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدّا ، وفي بعضها التقييد بالصلاة كما في حديث أبي مسعود عند ابن خزيمة ، والحاكم ، وصححه ، والبيهقي في سننه : أن رجلا قال : يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ الحديث وأخرج الشافعي في مسنده من حديث أبي هريرة مثله. وجميع التعليمات الواردة عنه صلىاللهعليهوسلم في الصلاة عليه مشتملة على الصلاة على آله معه إلا النادر اليسير من الأحاديث ، فينبغي للمصلي عليه أن يضم آله إليه في صلاته عليه ، وقد قال بذلك جماعة ، ونقله إمام الحرمين ، والغزالي قولا عن الشافعي كما رواه عنهما ابن كثير في تفسيره ، ولا حاجة إلى التمسك بقول قائل في مثل هذا مع تصريح الأحاديث الصحيحة به ، ولا وجه لقول من قال : إن هذه التعليمات الواردة عنه صلىاللهعليهوسلم في صفة الصلاة عليه مقيدة بالصلاة في الصلاة ؛ حملا لمطلق الأحاديث على المقيد منها بذلك القيد ، لما في حديث كعب بن عجرة وغيره أن ذلك السؤال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «صلّوا على أنبياء الله ورسله ، فإنّ الله بعثهم كما بعثني» وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية قال : نزلت في الذين طعنوا على النبي صلىاللهعليهوسلم حين اتخذ صفية بنت حيي ، وروي عنه أنها نزلت في الذين قذفوا عائشة.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨))
لما فرغ سبحانه من الزجر لمن يؤذي رسوله ، والمؤمنين ، والمؤمنات من عباده أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يأمر بعض من ناله الأذى ببعض ما يدفع ما يقع عليه منه فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) من : للتبعيض ، والجلابيب : جمع جلباب ، وهو ثوب أكبر من الخمار. قال الجوهري : الجلباب : الملحفة ، وقيل : القناع ، وقيل : هو ثوب يستر جميع بدن المرأة ، كما ثبت في الصحيح من حديث أم عطية أنها قالت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ، فقال : «لتلبسها أختها من جلبابها» قال الواحدي : قال المفسرون : يغطين وجوههنّ ورؤوسهنّ ؛ إلا عينا واحدة ، فيعلم أنهنّ حرائر فلا يعرض لهن