الأخفش : أي لأنهم ، أو بأنهم. ويجوز أن تكون في محل رفع بدلا من كلمة. قرأ الجمهور «كلمة» بالتوحيد ، وقرأ نافع وابن عامر «كلمات» بالجمع. ثم ذكر أحوال حملة العرش ومن حوله فقال : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) والموصول : مبتدأ ، وخبره : يسبحون بحمد ربهم ، والجملة مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببيان أن هذا الجنس من الملائكة الذين هم أعلى طبقاتهم يضمون إلى تسبيحهم لله والإيمان به الاستغفار للذين آمنوا بالله ورسوله وصدّقوا ، والمراد بمن حول العرش : هم الملائكة الذين يطوفون به مهللين مكبرين ، وهو في محل رفع عطفا على الذين يحملون العرش ، وهذا هو الظاهر. وقيل : يجوز أن تكون في محل نصب عطفا على العرش ، والأوّل أولى. والمعنى : أن الملائكة الذين يحملون العرش ، وكذلك الملائكة الذين هم حول العرش ينزهون الله متلبسين بحمده على نعمه ، ويؤمنون بالله ، ويستغفرون الله لعباده المؤمنين به. ثم بين سبحانه كيفية استغفارهم للمؤمنين فقال حاكيا عنهم (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) وهو بتقدير القول : أي يقولون ربنا ، أو قائلين : ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ، انتصاب رحمة وعلما على التمييز المحوّل عن الفاعل ، والأصل وسعت رحمتك وعلمك كل شيء (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) أي : أوقعوا التوبة عن الذنوب واتبعوا سبيل الله ، وهو دين الإسلام (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) أي : احفظهم منه (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ) «وأدخلهم» معطوف على قوله : «قهم» ووسط الجملة الندائية لقصد المبالغة بالتكرير ، ووصف جنات عدن بأنها (الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) إياها (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أي : وأدخل من صلح ، والمراد بالصلاح هاهنا : الإيمان بالله والعمل بما شرعه الله ، فمن فعل ذلك فقد صلح لدخول الجنة ، ويجوز عطف (ومن صلح) على الضمير في وعدتهم : أي ووعدت من صلح ، والأولى عطفه على الضمير الأوّل في : وأدخلهم. قال الفراء والزجاج : نصبه من مكانين إن شئت على الضمير في أدخلهم ، وإن شئت على الضمير في وعدتهم. قرأ الجمهور بفتح اللام من صلح. وقرأ ابن أبي عبلة بضمها. وقرأ الجمهور «وذرياتهم» على الجمع. وقرأ عيسى بن عمر على الإفراد (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي : الغالب القاهر الكثير الحكمة الباهرة (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) أي : العقوبات ، أو : جزاء السيئات على تقدير مضاف محذوف. قال قتادة : وقهم ما يسوءهم من العذاب (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ) أي : يوم القيامة (فَقَدْ رَحِمْتَهُ) يقال وقاه يقيه وقاية : أي حفظه ، ومعنى (فَقَدْ رَحِمْتَهُ) أي : رحمته من عذابك وأدخلته جنتك ، والإشارة بقوله : (وَذلِكَ) إلى ما تقدّم من إدخالهم الجنات ، ووقايتهم السيئات ، وهو : مبتدأ ، وخبره : (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي : الظفر الذي لا ظفر مثله ، والنجاة التي لا تساويها نجاة.
وقد أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : (حم) اسم من أسماء الله. وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وأبو عبيد ، وابن سعد ، وابن أبي شيبة ، وأبو داود ، والترمذي ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن المهلب ابن أبي صفرة قال : حدّثني من سمع النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول ليلة الخندق «إن أتيتم اللّيلة فقولوا حم لا ينصرون». وأخرج ابن أبي شيبة ، والنسائي ، والحاكم ، وابن مردويه عن البراء بن عازب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّكم