أحدهما : إنما طلب وليا لا ولدا ؛ فلعله يكون له ولد غير الولد لا ولدا ، إما حفيدا ، وإما ابن عم ، أو ابن أخ أو غير ذلك ؛ فلما بشر بالولد استغرب ذلك ، فقال : أنى يكون لي ولدا.
الثاني : أن يكون بين طلبه له وبين التبشير به زمن مطاول بحيث تزايد ضعفه ، وتمكنت شيخوخته فكان يرجوا أن يبشر به في زمن إيابه من الولد.
الثالث : أنه سأل عن الكيفية التي تزايد له فيها الولد هل مرجوع امرأته شابة ، أو تلد على ذلك الحال ، كما قال إبراهيم : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [سورة البقرة : ٢٦٠].
وفي عبارة ابن عطية ، قلت : لأنه طلب الولد ثم استفهم كيف الوصول إليه ، وكيف تفيد القدرية.
ابن عرفة : وعادتهم يوردون سؤالا ، وهو أنه إذا تقدم اسم نكرة ثم أعيد فإنما يعاد معرفا بالألف واللام ، قال الله تعالى (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [سورة المزمل : ١٥ ـ ١٦] ، قال هنا (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) ، فقال : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) الولد ، أو يقول : أنى يكون لي الغلام لأجيب بوجهين :
أحدهما : أن الغلام هنا [٥٢ / ٢٤٩] مدح باسمه فأشبه المعرفة ؛ فلذلك لم يعده.
الثاني : ذلك إنما هو حيث يعاد بلفظه ، وهنا إنما أعيد بلفظ الولد ولا شك أن أحدهما أعم من الآخر ، فالغلام أعم ؛ فإنه يمكن أن يكون ولد ولده ، أو ولد أحد من قرابته ؛ فأخذ هو بحق السؤال باستبعاد كونه ولده.
قوله تعالى : (قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ).
أي : كما علمت أن جميع الأشياء هين على الله فاعلم أن هذا هين عليه ، واستدل بخلقه إياه من عدم ، وهذا هو المذهب الكلامي وهو الإتيان بالحكم مقرونا بدليله.
قوله تعالى : (وَلَمْ تَكُ شَيْئاً).
ظاهره أن هذا حجة لأهل السنة في قولهم ؛ لأن الندم ليس بشيء.
والزمخشري يقول : ولم تك شيئا موجودا أو شيئا مذكورا.
قوله تعالى : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً).