أي علامة.
قوله تعالى : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ).
ابن عرفة : عرف القرآن في هذا النداء بالياء ، إيماء بالموجود ؛ فلذلك قال ابن عطية : المعنى فولده ، وقال الله للمولود (يا يَحْيى).
ابن عرفة : إنما عد بولد ؛ لأن المتكلمين اختلفوا في الاستدلال على الحدوث هل يستدل بالإمكان أو بالموجود؟ فإن نظرنا إلى ما قبل الآية ، وهو قوله تعالى : (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) وهذا دليل على إمكان وجوده ، وإن نظرنا إلى قوله تعالى : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) كان دليل على أنه واحد ؛ لأنه خطاب له ؛ فلذلك أضمر وجوده قبله.
وقوله تعالى : (خُذِ).
إن كان تكليفا فهو للوجوب ، وإن كان امتنانا فهو للندب.
قوله تعالى : (بِقُوَّةٍ).
قال أبو حيان : إما مفعول أو حال.
ابن عرفة : يريد إما متعلق بقوله (خُذِ) وهو موضع الحال والكتاب التوراة ، وإنما قال : (بِقُوَّةٍ) ولم يقل ذلك في موسى ولا في غيرة من الأنبياء ؛ لأنهم أوتوا الحكم كبار بالضرورة أن يأخذوا الكتاب بقوة ، ويحيى أوتي الحكم صبيا ، فقال (بِقُوَّةٍ) أحرى بنا ؛ فالحكم المراد به الأمر الفضلي ، يعني لأن الصبيان يوصفون بالحكم الضروري فلا مزية له عليهم فيه.
حسبما قال الفخر في المحصول : الحكم القصد ، يعني هو يمكن أن يكون وأن لا يكون ؛ فلذلك يوصف به الصبيان ويوصفون بالضروري ، فلو علم الصبي لعلمه بتفضيل لم يضرب لأنكر ذلك بالبديهة.
قوله تعالى : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا).
ابن عطية ، والزمخشري : يحتمل أن يراد وخلقنا في قلبه الحنان ، ويحتمل أن يراد وأتيناه حنانا منا عليه.
وذكر ابن الصلاح في علوم الحديث في باب رواية الآباء على الأبناء حديثا يقتضي اتصاف الله تعالى بالحنان ، وذكر فيه سندا متصلا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه ، والحنان هو الذي يبدأ بالسؤال