قبل السؤال ، فقال ابن العربي هنا في الأحكام : أن إتيان النبوة للصغير ممكنة جائزة عقلا لكنها لم تقع ولم يذكر ذلك المتكلمون ؛ لأن ظاهر كلامهم بياني في بداية الإقدام ، أيضا أنها جائزة عقلا ؛ لأنه قال : لا خلاف بين أهل السنة أن الله تعالى يخص من يشاء من عباده بالنبوة والولاية ؛ فعموم هذا يتناول الصغير والكبير.
قال ابن عرفة : وأما البعيد فلا يجوز عندهم نبوة الصغير بناء على قاعدة التحسين والتقبيح والفلاسفة يصح ذلك على مذهبهم ؛ لأنهم يقولون : إنها راجعة إلى طبع مجازي يحضون به ، وظاهر كلام الفخر هنا أنها واقعة أن يحيى وعيسى بعثا صغيرين.
قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا).
وقال تعالى في عيسى : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) ، وكان بعضهم يقول : لأن يحيى أكثر تكليفا ، قال : وعيسى كذلك رسولا.
قوله تعالى : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ).
وقال عيسى : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) قيل لابن عرفة : هذا حكم إنشائي وصيغ الاستثناء حالته ، فكيف يعمل في المستقبل؟ فقال : ليس المراد حقيقة المستقبل ، وإنما هو كقولهم : ضربته الظهر والبطن.
قوله تعالى : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ).
وقال عيسى : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) فأجاب الزمخشري والغزالي بأن يحيى غلب مقام الخوف فسلم عليه أمنا له وتطمئنا وعيسى [٥٢ / ٢٤٩] غلب عليه مقام الرجاء.
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ).
قال ابن عرفة : عينها باسمها في سورة التحريم ، فقال تعالى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) [سورة التحريم : ١٢] تشريفا بذكرها مع امرأة فرعون ، وامرأة نوح ولوط ، ويوجد جواز اجتماع الخبر والأمر في الكلام الواحد ؛ لأن الإخبار الآخر عن هذه القصة مع أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم مأمور بتبليغها للناس فيؤخذ منه أن من آمن فلا يبيع سلعة بكذا دينار ، فقال : إن فلانا ، قال : بائع سلعتي هذه بكذا وأنا قد بعتها به ، فقال المشتري : وقد اشتريتها بذلك ، فقال : ربما لا أرضى بذلك أنه يلزمه البيع.
قوله تعالى : (إِذِ انْتَبَذَتْ).