قال أبو حيان : يصح أن يكون مفعولا أو بدلا من مريم ، فقيل له : هما شيء واحد ؛ لأن اذكر إنما يتعدى لمفعول واحد ، فقال : القائل فيه فعل آخر مقدر ؛ أي اذكر إذ انتبذت.
قال المختصر السفاقسي : يحتمل أن يكون على حذف مضاف ؛ أي اذكر خبر مريم وما جرى لها إذ انتبذت.
قال ابن عرفة : هذا هو الصحيح ، لأن الخبر متأخر عن المجرور عنه فلا يصح أن يعمل الخبر في إذ ؛ لأن وقت الانتباذ ليس هو وقت الخبر ؛ فلذلك قال أبو حيان : وما جرى لها إذ انتبذت.
قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا).
وهو جبريل ، وقال تعالى في سورة آل عمران : (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) [سورة آل عمران : ٤٥] التبشير وقع من الملائكة وهذا الإرسال من ملك واحد ؛ فإن كانت القصة واحدة فيكون ذكر هذا جبريل وحده ؛ لأنه المتقدم في الملائكة وهو تبع له ، وإن كانت قصتين فتكون تلك قبل هذه فبشرها أولا الملائكة ثم أتاها جبريل وحده فنفخ في فرجها.
فإن قلت : كيف يفهم تطور الملك ورجوعه على صورة إنسان حسن الصورة مع أن الموجودات ثلاثة : إما متحيز ، أو قائم بالتحيز ، أو لا متحيز ولا قائم ؛ فمتحيز على القول بإثبات الجوهر المفارق ، فكما لا يصح صيرورة الجوهر عوضا ولا العكس ؛ لذلك لا يصح الموجود الغير المتحيز متحيزا ، قلت : فالصواب أن الملائكة أجسام متحيزة ، فكما أن الله تعالى أقدر الجسم على القيام والقعود والحركة ، كذلك أقدر بعض الأجسام على التطور على صفات مختلفة.
ابن عرفة : وقد كنت رأيت السلطان إبراهيم في غاية الضعف قولا [.....].
قوله تعالى : (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي).
وقرئ من تحتها ، وعلى كلا القراءتين يصح أن يكون المنادى جبريل وعيسى عليهماالسلام ، ورجح بعضهم الأول بعدم الاحتياج إلى إضمار الفاعل ، وأجيب بأن الفاعل هناك الجزء من الفعل فهو بمنزلة المركب.
ابن عرفة : ومن بديع التفسير قول الزمخشري في أن جبريل عليهالسلام كان يقل الولد كالمقاتلة ويقبل الولد كالقابلة.