قوله تعالى : (أَلَّا تَحْزَنِي).
قال الزمخشري : أن مفسرة.
ابن عرفة : انظر هل هي مفسرة للنداء أو للقول الكائن معه؟ فالمعنى : قال لها يا مريم لا تحزني ، أو كون قوله : (فَناداها) فحملوه من قوله لها : (يا مَرْيَمُ) وأن لا يفسر القول الواقع بالنداء.
قوله تعالى : (أَلَّا تَحْزَنِي).
قال ابن عرفة : عادتهم يوردون فيه سؤالا وهو أن الغم الواقع من النفس إن كان لأجل أمر مستقبل فهو خوف ، وإن كان لأجل أمر ماض فهو حزن وتألم ، أما أن تكون مما يلحقها من المعرة فقط من قومها فهو أمر مستقبل ، أو بالسبب الواجب لهذه المعرة وهو أمر ماض أو مجموعهما ، وهو مستقبلي ؛ لأنه إن كان بعض المجموع مستقبل فالكل مستقبل ، وتألمها في الحقيقة ، وهو إما أن يلحقها من المعرة فقط ، فهلا قال (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي)(١)؟ قال : والجواب : اختار أنها اغتمت وتأملت للمجموع من المعرة وسببها وراعاها في هذا المجموع سببه وهو ماض تذكيرا لها لما فيه من المعجزة ، والأمر الخارق للعادة ؛ ففيه تسلية لها عن العالم لما يتوقعه من المعرة وسببها وراعاها في المستقبل (٢).
قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا).
قال ابن عطية : يؤخذ منه مراعاة الأسباب ، وإلا فالله سبحانه [٥٢ / ٢٥٠] قادر على إيصال ذلك إليها من غير هز.
ابن عرفة : وكان بعضهم يقول : إنما أمرها بالهز ؛ لأن فيه اشتغالا لها لتسلى وتزول عنها ما بها من الغم ، فما شاهدناه فيمن يكون مغموما فتعلق نفسه بشيء يزيل همه ، قالوا : ففي الآية تعدي فعل المضمر المتصل إلى مضمره المتصل ، وأجاب أبو حيان بخمسة أوجه :
إما أنه على إضمار أعني إليك.
وإما أن ذلك اسم.
__________________
(١) وردت في المخطوطة : فناداها من تحتها ألا تخافى ووردت في المصحف فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي وقد أثبتنا ما في المصحف.
(٢) ورد في الحاشية : (الفرق بين الخوف والحزن).