قوله تعالى : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ).
ذكر فيها [٥٥ / ٢٦٦] أبو حيان وجوها منها : أن يدعوا حال مفعوله ضمير من يدعوا تقديره ، أي مدعوا وذلك مبتدأ ، وهو فصل وضعف بأن يدعوا لا بقدر مدعوا.
ابن عرفة : بل يصح كما يقول : رأيت زيدا يضربه عمرو أي مضروبا ومنها : أن يدعوا بمعنى يقول : ولمن خبره مبتدأ خبره مقدرا أي الآمر أو الناهي والجملة في موضع محلية ، يدعوا وليس مستأنف لا تدخل له في الحكاية ؛ لأن الكفار لا يقولون ذلك على أمنياتهم.
قال : ورد بالكافر لم يعتقد قط أن الأوثان ضرها أكثر من نفعها ، وأجابه ابن عرفة بصحة إرادة المعنى معبرا عنه باسم غير ذلك المعنى ، كقوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) [سورة الفتح : ١١] ، لأنهم لو يقولوا هذا اللفظ ، ولذلك تقدم لنا أيضا أنه لا يلزم من حلا غيره بصفة اتصافه هو بها ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) [سورة الحجر : ٦] ، لأنهم وصفوه بكونه منزلا عليه الذكر ، وزاد الطيبي : أنه يصح الوقف على (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ) مبتدأ خبره (لَبِئْسَ الْمَوْلى).
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
نقل ابن عرفة : كلام المفسرين ، ثم قال : وكان بعضهم يقول الآية وإن خرجت علي بسبب ، فإنها تتناول عندي من اتصف بمثل ذلك السبب فيدخل تحتها من أصابه آفات في بدنه ، أو ماله ، أو عرضه لأجلها ؛ أي : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فليتب عن ذلك ، ويرضى بحاله وإلا (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) ، وكان يسمى هذا عطف المقهور بموقف على أمر فيه هلاكه ، وهذا موجود عند سائر الناس ، يقول بعضهم لبعض : إن لم ترض بهذا فاضرب بدماغك الحائط.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ).
قال ابن عرفة : الصواب عندي أن يكون وكثير من الناس مبتدأ ، ويكون في الآية حذف من الأول ما دل عليه الثاني ، ومن الثاني ما دل عليه الأول ، أي وكثير من الناس مثاب ، (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) وعلى هذا يضمحل كلام الزمخشري.
قوله تعالى : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ).
وقال ابن عرفة : العناصر الأربعة عندنا التراب ، والماء ، والهواء ، والنار ، والثالث والأول لا خلاف فيهما ولا إشكال أنها جواهر ويقع النظر في النار ، هل هي جواهر أو