أعراض؟ لأنها إبدال يقوم بنفسها ولا توجد إلا في غيرها ، وانظر قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) [سورة الواقعة : ٧١ ـ ٧٢] ، والصحيح أنها جواهر لطيفة ، بدليل اللهب الذي فيها فإنه يعلو جدا.
قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ).
قال ابن عطية : اختلف في سبب نزول الآية.
فقال قيس بن عباد ، وهلال بن يساف : نزلت في حمزة ، وعلي ، وعبيدة ، وابن الحارث رضي الله عنهم وشيبة وعتبة ابني ربيعة ، والوليد بن عتبة في غزوة بدر.
قال ابن عطية : ووقع أن الآية نزلت فيهم في صحيح البخاري.
ابن عرفة : وفي صحيح مسلم وهو آخر حديث روي .... (١).
ابن عرفة : وإنما قال (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ) دونهم لنص الحكماء على أن الأصح إذا جعل في النار نفسها ، قالوا : لأن النار جسم لطيف ، والنحاس جسم كثيف متجمع وآفته وحرارة النار.
فإن قلت : ما فائدة زيادة من في قوله تعالى : (مِنْ فَوْقِ) ، وهلا استغنى عنها؟
فأجاب ابن عرفة : بأنها لابتداء الغاية في أول أمكنة الفوقية ، قال : وكذلك أن الحميم إذا صب فوقهم عن بعد ، فإنه يدركه الهوى فينقص من حرارته ، فإذا صب فوق رءوسهم بالقرب نزل كما هو ، وهذا مشاهد عندنا في المس إذا طبخناه أو صب في الإناء يرده بالمغرفة ترفع بها إلى فوق وتصبه فيبرد بالهواء ومهما علونا بالمغرفة إلى فوق ، كان أشد في تبريده فأفادت زيادة من أنه يصب فوق رءوسهم من أقرب أمكنة الفوقية إليهم حتى لا ينتقص من حرارته شيء.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
أكد جزاء المؤمنين بأن ولم يؤكد جزاء الكافرين في قوله تعالى : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ).
وقال ابن عرفة : فالجواب : أن حرص الإنسان على دفع ما يؤلمه أشد من حرصه على جلب ما يلائمه ، فاكتفى في التنفير عن العذاب لمجرد الوعد مع ما حصله في
__________________
(١) بياض في المخطوطة.