قوله تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ).
يحتمل أن يكون من النظر أو من الانتظار.
قال ابن عرفة : وعادتهم يوردون هنا سؤالا وهو : هلا قال : فانظر ما ذا يجيبون؟
فإن الجواب للكتاب أخص من الرجوع ، قال : وعادتهم يجيبون : بأن الكتاب إن كان له اعتناء بالمبعوث إليه ، ويراد بعين الكتاب [٥٨ / ٢٨٣] والاعتبار ، ونزل منزلة المتساوي له في درجته سمي ما يصدر عنه بعد قراءة كتابه جوابا ، وإن زاد بعين الصفات والاحتقار جعله في رتبة الرسول الحامل للكتاب ، وكان جوابه إنما هو الرسول فسمي ما يصدر منه له مراجعة ، وكذا سليمان عليهالسلام حال بلقيس وملكها بالنسبة إلى ملكه ، فجعل جوابها فإنه لرسوله ؛ لأنه له.
قوله تعالى : (فِي أَمْرِي).
أي في شأني.
قوله تعالى : (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ).
جمعتهم إما باعتبار الملوك الماضية ، وإما باعتبار ما يأتي ، وإما باعتبار إنما لم يكن على تقدير أن لو كان كيف كان يكون.
قوله تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ).
جمعتهم إما لرجوع الضمير للملوك ، وإما تعظيما لسليمان ، وإما اعتبارا به وبخاصته.
قوله تعالى : (فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ).
وقرئ وما آتاني الله خير.
قال الزمخشري : والفرق بين العطف بالفاء والواو ، أن الإنكار تارة يتسلط على السببية ، كقولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، فإن أردت تجهيله في الكتب عطفته بالفاء ؛ لأنه تارة يكون يشرب اللبن ظانا أنه ماء ، فإذا هو لبن فهذا جهل السبب ، وتارة يعلم أنه لبن ويجهل أنه إذا اجتمع في البطن مع السمك يضر ، فهذا جهل السببية ، وكذلك تقول : تعطي زيدا الدراهم وهو غني ، فإن كان المعطي يجهل أنه غني فهو جاهل للسببية ، وإن علم أنه غني ، وجهل أن الغنى مانع من إعطاء الزكاة له فهذا يجهل السببية.