ابن عرفة قال : وإن كان السبب أقوى من إنكار السببية ، فهذا كالجهل المركب بخلاف العكس فلذلك عطفه في الآية بالفاء دون الواو.
قوله تعالى : (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها).
قال ابن عرفة : عبر بلفظ الملأ ولم يقل : يأيها الجند ؛ لأن الملأ هم الأشراف ، وهو إنما خاطب بذلك من له قوة وعلم ، ولفظ الملأ يشمل من جمع الأمرين ومن اتصف بأحدهما ، ولم يتناول رعاع الناس بوجه.
قوله تعالى : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها).
إشارة إلى أنه علم أن فيهم من يأتيه بعرشها ، وإنما طلب منهم تنبيه فقط ، ولو قال : هل فيكم من يأتيني بعرشها لكان شاكا ، هل فيهم من يقدر على الأتيان به أم لا؟
قوله تعالى : (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ).
ابن عرفة : قالوا : هذا يقتضي ذم الدعوى ، وكل مدع فدعواه توقع إلا إذا كان لدعواه موجب ، كقول يوسف عليهالسلام (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [سورة يوسف : ٥٥] ، فإن موجب ذلك القيام بالحكم الشرعي ليوصل كل ذي حق لما حقه.
قوله تعالى : (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ).
قال الأصوليون من أهل الفقه : أفعال الله غير معللة ، وما ورد من تعليلها ، فإنما هو باعتبار الربط العادي ، وأحكامه فيها قولان : هل هي معللة أم لا؟ ولهذا قال ابن الحاجب : مسألتان على التنزيل ، أي على النزل مع الخصم إلى مذهبه في قاعدة التحسين والتقبيح.
قوله تعالى : (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها).
قال الأصوليون : إذا كان إسقاط بعض الألفاظ لا يخل بالمعنى فاثباته حشو لا فائدة له ، فحينئذ يقول : ما أفاد قوله لها؟ قلنا : أفاد أن تنكيره إنما هو لمن ينكر بعرف ، ويحيط به بأنها نكرة لها لأنها أعرف الناس به.
قوله تعالى : (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ).
وليس هو بمعنى التفكر ، وإنما المراد تختبر أو تعلم أو ننتظر اهتداءها ، وأم هنا متصلة ، وهي التي يقع بعدها المفرد ، أو ما هو في قوته ، فإن قلت : قال ننظر أتهتدي أم لا ، كما تقدم السؤال ، في قوله تعالى : (أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) ، لكن