فيه سؤال ، وهو أن المشبه لا يقوى قوة المشبة والأول كافر ، وهذا كفور ، فكيف شبه جزاء الكفور بجزاء الكافر؟ ولا جواب فيه إلا أنه من عكس التشبيه كقوله تعالى : (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) [سورة البقرة : ٢٧٥].
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي).
حكى أبو حيان عن بعضهم : أنه بدل من الأول ورد بأن همزة الاستفهام دخلت على الأول دون الثاني ، وتجاب : باحتمال كونه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه وقف.
ذكر ابن عصفور خلافا فيه يلزم معه تكرار فأدخل على المبدل منه أم لا؟
وحكى أبو حيان عن بعضهم أيضا : بدل جملة من جملة.
ورده أبو حيان : بأنه بدل فعل من فعل ، ويجاب : بأنهم فرقوا بين بدل الفعل من الفعل ، وبدل الجملة من الفعل ، وهو إذا كان الفاعل في الفعلين متحدا ، إما ضمير متكلم أو ضمير غائب ، نحو إن قمت أكرمت زيدا فأتني ، أو يكون المفعول متحدا ، فإن اختلف الفاعل فيكون في أحدهما ظاهرا وفي الآخر مضمرا ، أو يختلف الضمير أو يختلفا في المفعول كان بدل جملة من جملة ، مثل إن قمت يخرج أبوك فأتني ، وهذان الفعلان وإن اتفقا في الفاعل فهما مختلفان في المفعول.
قال أبو حيان : وأيضا فالبدل على نية تكرار العامل ، وهو لم يتكرر هنا انتهى ، إنما ذلك إذا كان العامل موجودا ، وأما إذا لم يكن ثم عامل فليس ثم ما يكرر.
قوله تعالى : (ما ذا خَلَقُوا).
قال شيخنا : كان وقع في زمن الأستاذ أبي زكريا يحيى بن فرج النعر نزاع فيما.
فقال بعضهم : أنها تقتضي التكثير ، واحتج بحديث : " ماذا أنزل الليلة من خير (١) ".
وقال بعضهم : إنما يكون التقليل ، واحتج بهذه الآية وهنا إشكال وهو أنها تقتضي أن من لوازم الإله اتصافه بالخلق ، مع أن مذهبنا أن الذي من لوازمه اتصافه بالقدرة وصلاحية الخلق لا اتصافه بالخلق بالفعل ، وإلا يلزم عليه قدم العالم ، لأن الله تعالى في الأزل لم يخلق شيئا بالفعل ، وجوابه : أن الألوهية أمر نظري لا ضروري ، والاستدلال عليها إنما يتم بأثرها ، فلذلك قال (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا) ، فمعناه لو كانوا آلهة لظهر لنا أثر قدرتهم فلما لم يظهر لنا أثر قدرتهم ، دل على أنهم ليسوا بآلهة.
قيل : لا يلزم من عدم العلم بالدليل عدم العلم بالمدلول ، أجيب : بأنه كذلك ،
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ١٠٦٥ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٢١٢٧.