ولكنه يلزم من عدم العلم بالدليل عدم العلم بالمدلول.
قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ).
فيه سؤالان :
الأول : المستدل ، يأتي أولا بما هو مستلزم لغيره ، ثم يأتي بمستلزمه ولا يأتي باللازم قبل الملزوم ، فيقول : إن كنت ذا مال فأعطه دينارا أو أعطه درهما ، ولا يقول : إن ذا المال فأعط لزيد درهما أو دينارا ؛ لأن العجز عن الدرهم يستلزم العجز عن الدينار ، وهو لا عجزوا ، والعجز الاستغلالي بالخلق ، وما يلزم من ذلك عجزهم عن الخلق مع الشريك المعين لهم في ذلك [٦٢ / ٣٠٥]
السؤال الثاني : أن المذهب على امتناع اجتماع مؤثرين على أثر واحد ، حسبما ذكر الأصوليون في مسألة الكتب ، حيث قالوا : هو فعل فاعل معين ، وقد قرروا في دلالة التمانع امتناع ذلك ، فكيف يصح الرد عليهم بعجز آلهتم عن خلق السماوات مع الشريك ، والجواب : أن الاستدلال قسمان : عقلي لا يفهمه إلا الخواص ، وآخر يفهمه العوام ، فالعلماء منعوا اجتماع قدرتين على مقدور واحد ، والعوام يتصورون اشتراك رجلين وثلاثة في فعل.
قوله تعالى : (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً).
هذه إشارة إلى الدليل السمعي ، والأول : إشارة إلى الدليل العقلي فهم يستندوا في عبادتهم الأصنام لا إلى عقل ولا إلى سمع ، ثم عقب ذلك بالدليل السمعي الدال على وحدانية الله تعالى ، وهو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ).
قوله تعالى : (وَلَئِنْ زالَتا).
فيه سؤال ، وهو أن الجزاء لا يجوز كونه موافقا بشرط ، لعدم الفائدة ولا مناقضا له ، بل يكون مخالفا فلا يقال : إن قام زيد قام زيد ، ولا إن قام زيد لم يقم زيد ، وإنما يقول : إن قام زيد قام عمرو ، والجواب : ليس يترتب على الشرط ، والجواب : أنه ترتب على جواب مقدر ، وتقديره (وَلَئِنْ زالَتا) فلا راد لهما ولا مستمسك.
وحكي ابن عطية هنا أن إن تعني لو ، وهو على جهة التوهم والفرض ، أي وليس فرضنا إلا العكس.
وقال ابن التلمساني : أن إن تدخل على المحقق وعدمه ، واستحالته وإن غالب دخولها على المشكوك ، وقد تدخل على المحقق.