وما حكاه ابن عطية [٦٥ / ٣١٥] والزمخشري من قضية ؛ [.....] التي طلبت أن تحكم لأختها على خصمه فمن كلام القصاص لا يليق ذكرها ؛ والأنبياء معصومون منه ، والأنسب في هذه أن تكون فتنة في قول : لأطوفن الليلة على مائة امرأة فتأتي كل واحدة بولد ؛ ولم يقل : إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً).
وقال تعالى في سورة يونس لفرعون (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) [سورة يونس : ٩٢] ، ولم يقل : بجسدك ففرق تقطعهم بأن البدن ينطلق على ما كثرت أجزاؤه ، ولذلك يقال : فلان بدن ، وفي الحديث أن عائشة رضي الله عنها وكرم وجه أبيها قالت : فلما بدن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، أي فلما طعن في السن ، وفرعون كان قد بلغ الغاية في السن ، وأما الجسد فيصدق على الصغير الناقص الأجزاء ، ولذلك قال : لم تحمل من نسائه إلا واحدة ولدت شق ولد.
قوله تعالى : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي).
نقلوا عن الحجاج ، أنه قال : لقد كان حسودا.
قال ابن عطية : وهذا من فسقه.
قال ابن عرفة : كان بعضهم يقول : بل هذا من جهله ؛ فإن الإنسان تارة يطلب من أن يعطيه شيئا يخصه به دون غيره ، وتارة يطلب منه شيئا علم منه أنه لا يعطيه إلا رجل واحد ؛ فيرغب منه أن يكون هو ذلك الرجل ، والأول : طلب الإعطاء والخصوصية ، والثاني : طلب الإعطاء فقط ؛ فلعل الله تعالى أوحى إلى سليمان عليه الصلاة والسّلام أن هذه الهبة لا ينالها إلا رجل واحد يكون نوعه منحصرا في شخصيه ، فرغب من الله تعالى أن يكون هو ذلك الرجل ، فليس في هذا حسد ؛ إنما الحسد على طلب الإعطاء والخصوصية ؛ لأنه يطلب منه شيئا ؛ ويحرم منه غيره.
قوله تعالى : (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ).
الفاء للسبب ، أي لسبب قوله (وَهَبْ لِي مُلْكاً ؛ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ).
قال القشيري : ومن الدليل على فضل نبينا محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ؛ أن بعض الأولياء من شبه قدرة الله تعالى على أن تحمل الريح ؛ فيقطع المسافة الطويلة في الزمن القصير.