أي بالبرهان والموعظة هي الخطابة.
ابن عرفة : وذكر الغزالي في الإفضاء هذه الثلاثة قال والبرهان يخاطب به الأذكياء والخطابة يخاطب العوام لأنهم لا يفهمون البرهان وإنما يفهمون المواعظ والجدال لا يخاطب به إلا المعاندون في الاعتقاد لأنهم لا يرجعون عن مذهبهم بالموعظة ولم يذكر هنا العائلة لأنها ليست لكل الناس بل لمن لم ينفع فيه من ذلك فإن قلت قد قال عليه الصلاة والسّلام : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" الحديث قلنا : قد تقرر في كتاب الجهاد أنهم يدعون أولا إلى الإسلام فإن لم يستجيبوا حينئذ يقاتلون ، قلت : وقال الفقيه أبو العباس أحمد بن محمد بن البنا المراكشي في كتابه المسمى بالروض المريع في صناعة البديع : المخاطبات على خمسة أقسام على ما أحصيت قديما الأول : البرهان وهو الخطاب بأقوال اضطرارية يحصل عنها اليقين ، والثاني : الحول وهو الخطاب بأقوال مشهورة يحصل عنها الظن الغالب ، والثالث : الخطابة وهو الخطاب بأقوال مقبولة يحصل عنها استقرار في النفس الإقناع وهذه الثلاثة هي التي تستعمل في طريق الحق.
والرابع : الشعر وهو الخطاب بأقوال كاذبة يحصل عنها استقرار في النفس ، والخامس : المخالطة وهي الخطاب بأقوال كاذبة يحصل عنها الاعتقاد ما ليس بحق أنها حق وهذان اسمان خارجان عن باب العلم وأخلاقه في باب الجهل فالمنظوم يكون إذا شعرا وغير شعر كما أن المنثور كذلك ، وأهل العرب يسمون المنظوم كله شعرا معرض في دار في الشعر انتهى كلامه ، وقال غيره : البرهان قياس مركب من مقدمات يقينية كعلمنا بأن الواحد نصف الاثنين والجدل قياس مركب من مقدمات مشهورة كالعلم بأن العلم حسن والجهل قبيح ، والخطابة قياس مركب من مقدمات منقولة وهي المأخوذة عن الأنبياء والعلماء ومن فيه زيادة عقل أو دين كعلمنا بأن إعادتنا حق وإنما مجازون بالجنة والنار ولاختلاف الناس أمر النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدعوا بالثالثة قدر العمل والفهم بدعا بالحكمة وهم الخواص ومن دونهم بدعا بالجدال والعوام يدعوا بالموعظة إذ لو دعوا بالحكمة لم يفهموها والقياس الشعر من مركب من مقدمات تخيلية للفعل النفس لها كتشبيه الخمر ياقوتة سيالة فرغب فيه وتشبيه العسل بقيء فتنفى عنه النفس ، وكذلك البيض بقوله إنه خارج من محل العذرة فتنفى عنه النفس وهذا لا فائدة فيه إلا أنه يوجب قبضا وبسطا في النفس وأما السرقسطاني وهو المغالطي : فهو قياس مركب من مقدمات مشبهة بقضايا أوليات كقول القائل كل من